كانت بدايات العمل المصرفي في دول الخليج متواضعة وقبله الصرافات، كان لها دور هام في تطوير أعمال مؤسسات القطاع الخاص وتعزيزها في هذه الدول في مختلف النشاطات.
استخدمت دول الخليج العديد من العملات العائدة للدول التي كانت لها علاقات تجارية معها ومنها الليرة الذهبية العثمانية والقِران الإيراني والبرغشي الزنجباري والبيزة العمانية والريال النمساوي ثم الجنيه الاسترليني، وبشكل أوسع في القرنين التاسع عشر والعشرين، الروبية الهندية. لم تتأسس مصارف في البدايات ولكن هناك من عمل في الصرافة ومول التجار وأصحاب الأعمال أو تولى المحافظة على المدخرات وتسوية المعاملات مثل دفع قيمة البضائع والسلع المستوردة من دول مصدرة.
خطى مصرفية ثابتة
بدأت المصارف تعمل في دول الخليج في القرن العشرين، وكانت البحرين السباقة في العمل المصرفي حيث افتتح فرع البنك الشرقي المحدود، ويعرف حالياً ببنك "ستاندرد تشارترد"، في المنامة في عام 1930. سبق ذلك قيام البنك الامبراطوري البريطاني الإيراني بفتح مكتب له في عام 1900 لكنه لم يستمر طويلاً بعد أن ووجه بموقف عدائي من الصيارفة المحليين.
للمزيد إقرأ: مجلس التعاون الخليجي... ضرورة التعاون الاقتصادي
أكدت تطورات النشاطات الاقتصادية، حتى قبل بداية عصر النفط، أهمية وجود نظام مصرفي يدعمها، لذلك توالت عمليات فتح فروع لمصارف أجنبية في هذه الدول قبل أن تتمكن نخبها الاقتصادية من تأسيس مصارف وطنية. شهدت السعودية تأسيس الأعمال المصرفية، وإن كانت محدودة ومتواضعة، منذ الحرب العالمية الأولى، حيث قامت مؤسسة بريطانية، "جيلاتي وهانكي" بتأسيس شركة صغيرة للصيرفة، ثم تأسس مصرف تحت اسم الجمعية التجارية الهولندية في جدة. كانت أهم أعمال هذه المؤسسات تزويد الحجاج، خصوصاً القادمين من الدول الآسيوية مثل أندونسيا، باحتياجاتهم من النقود. لكن العمل المصرفي في السعودية أخذ زخماً في أربعينات القرن الماضي عندما افتتح البنك الفرنسي "الهند الصينية" (Banque de L’Indochine) فرعاً في جدة في عام 1948 ثم تأسست شركة الكعكي وابن محفوظ لتتولى تمويل العقود الحكومية والتجارية.
كانت السعودية سباقة في تنظيم العمل المصرفي، حيث أصدرت قانون مؤسسة النقد السعودي (SAMA) في عام 1951 لتتولى إصدار التراخيص المصرفية والقيام بدور الإشراف على الأعمال المصرفية بشكل متكامل. سبق ذلك قيام مصارف أجنبية بافتتاح فروع لها مثل البنك البريطاني للشرق الأوسط والبنك الأهلي الباكستاني، ثم تحول شركة الصرافة (الكعكي وابن محفوظ) إلى مصرف تحت مسمى البنك الأهلي التجاري، وجرت هذه التطورات بين عام 1949 وبداية خمسينات القرن العشرين.
للمزيد إقرأ: منهجية جديدة للاستثمار الأجنبي في السعودية