يُهدي المُخرج المصري خالد يوسف فيلمه، "الإسكندراني"، المعروض حاليا في صالات السينما إلى روح أستاذه الراحل يوسف شاهين، "صاحب الروح الهائمة في حب الإسكندرية وأهلها" حسب وصفه، كما يصنع من الأغنيات الجميلة التي غنَّاها المطربون والمطربات للمدينة التاريخية، موسيقى تصويرية لعمله. مع ذلك، هل ثمة إسكندرية حقا، في فيلم "الإسكندراني"؟
لم تكن آخر تجارب خالد يوسف السينمائية قبل فترة غيابه، موفقة تماما، إذ لم يحقق فيلم "كارما" الذي قدّمه عام 2018 النجاح المنشود. انعدام التوفيق هذا، لا يُقال فقط على المستوى الفني للعمل، لكن على مستوى شباك التذاكر، لأن هذا هو الجانب الذي يشغل بال المخرج الشهير، كما يشي بذلك نهجه في تركيب أفلامه. عقب عودته إلى القاهرة، قرّر يوسف أن يقدّم عملا يعيده إلى دائرة الضوء، ولم يجد أفضل من موسم رمضان، الذي يشغل فيه التلفزيون بمسلسلاته وإعلاناته أوقات الناس وأحاديثهم، لذا أنجز "سره الباتع"، وجاء حافلا بالأخطاء الكوميدية، وبدا أسلوبه الفني خارج العصر، على الرغم من الخط التاريخي الذي تضمنه العمل (فترة الحملة الفرنسية على مصر)، والذي قال يوسف إنه حاول من خلاله أن يقول شيئا عن واقعنا المعاصر.
التلميذ والأساتذة
من أجل هذا، كان يمكن لـ"الإسكندراني" ألا يثير الكثير من التوقعات، إن اعتبرنا أن يوسف ماض في طريقه الذي رسمه لنفسه، غير مبال بردود الفعل حيال أعماله، وإن جاءت من الجمهور، الذي يهتم يوسف برضاه قبل أي أحد آخر. على العكس طبعا من رؤية أستاذه صانع السينما الكبير يوسف شاهين، الذي صدمت بعض أعماله الجمهور، أو على الأقل بعض الجمهور، وعلمته، كما علمتنا جميعا، أن هناك أطيافا لا نهائية من التعبير السينمائي، وقد يخالف بعضها ما عوَّدنا عليه صنّاع السينما المصرية طوال تاريخها.