ميلانو: "هذا الكتاب المملوء بالسحر والأخبار، هو رحلة مزدوجة رائعة تأخذ بألباب القارئ. إنه يضم بين دفتيه النواة الحقيقية للشعر العربي الذي يظهر لنا بكل قوته المبهرة لدى شعراء العرب قبل الإسلام، أو بالأحرى قسم من العرب الذين قدموا من الجنوب واستوطنوا شمال الجزيرة العربية. وهي رحلة مزدوجة، فإحداها تقود إلى الماضي السحيق، والأخرى إلى ما في دواخلنا. شعر الهوى والترحال والحبّ والحنين. لافتة فعلا هذه السمات التي تعرّف إليها غوته والتي حفزت الثقافة الشعرية الأوروبية لقرون عدة". بهذه الكلمات يبدأ دافيد روندوني تقديم كتاب "المعلّقات" الذي صدر في أواخر العامالماضي عن "دار المتوسط" في ميلانو، ضمن سلسلة "موتا" التي تعنى بترجمة عيون الأدب العربي القديم والمعاصر إلى اللغة الإيطالية، بدعم من مبادرة "ترجم" التابعة لهيئة الأدب والنشر والترجمة في المملكة العربية السعودية.
تُرجمت القصائد الواردة في هذه الطبعة الأنيقة اعتمادا على النص العربي في كتاب "لمحة عن المعلّقات العشر: بشروح وتعليقات مختارة من الزوزني والشنقيطي وابن النحّاس والتبريزي (دار ابن الرشيق – دمشق 1983)، وكان الهدف من إنجازها الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القرّاء الناطقين بلغة دانتي، وليس لأغراض الدراسة الأكاديمية فحسب. من هنا، حرص القيّمون على المشروع على اختيار أفضل المترجمين والمترجمات، لنقل ثراء اللغة العربية وأصالتها، حيث غالبا ما استنجبوا تعبيرات إيطالية أدبية على وجه التحديد، للتعويض، ولو جزئيا، عن عدم التزام أوزان القصائد الأصلية.
ما هي المعلّقات؟
المعلّقات، هي أشهر مجموعة من القصائد العربية، ربما تعود إلى القرن السادس الميلادي، أي في الحقبة التي سبقت الإسلام، ولكن لم تُجمع إلا في القرن الثامن. في الواقع، استنادا إلى العديد من المراجع، يبدو أن أول من جمعها هو حمّاد الرّاوية بناء على طلب الخليفة الذي كان مهتما بمجموعة قصائد قديمة لابنه. وبحسب بعض المصادر العربية، فإن الخليفة المعني هو معاوية بن أبي سفيان (661-680)، وبحسب البعض الآخر عبد الملك بن مروان (685-705).