مع اقتراب الذكرى السنوية التاسعة عشرة لاغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري يوم 14 فبراير/شباط، دبت الحياة في أوردة وشرايين "تيار المستقبل"، بعد سنتين من الغياب غداة تعليق زعيمه سعد الحريري عمله السياسي في يناير/كانون الثاني 2022.
ازدانت شوارع بيروت والحواضر ذات الثقل الديموغرافي السني بصور الحريرييْن، مع سيل من الأخبار والتحليلات والتكهنات حول رجوع الحريري عن اعتزاله، ولا سيما مع التحضيرات المكثفة لإقامة تجمع جماهيري حاشد قرب ضريح الحريري الأب في ساحة الشهداء وسط بيروت.
لا ريب أن الحريري الابن حظي بتعاطف سني واسع وغير مسبوق منذ دخوله عالم السياسة عام 2005، تبدد جزء منه على وقع الأزمة الاقتصادية وما سبقها من تسويات كارثية. إلا أن الفراغ المهيمن على الساحة السياسية، وهزالة الحضور السياسي للسنة، أعادا تزخيم هذه العاطفة بشكل بدا معه السنة وكأنهم ينتظرون عودة المخلص.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي المتغيرات التي يمكن أن تدفع الحريري إلى الرجوع عن قرار اعتزاله؟
غياب "الشريك السني"
عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، وما رافقها من "حرب مشاغلة" موازية بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، زاد الاهتمام بالعاصمة اللبنانية. فقد كثر زوارها من الدبلوماسيين العاملين على ترتيبات "اليوم التالي" للحرب، بسبب ربط "حزب الله"، المهيمن على قرار الدولة اللبنانية، إيقاف "حرب المشاغلة" وأي تسوية سياسية، بإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية في غزة. بيد أن ذلك لا يلغي وجود نقاشات ومفاوضات حول تسوية سياسية كبرى في لبنان، تعيد الانتظام إلى عجلة الدولة وعمل مؤسساتها، وتساعد على إخراجها من مستنقع الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ خريف عام 2019.