غزة: منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أربعة أشهر، قتل ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل، في حين صار آلاف غيرهم أيتاما، بعد فقد الوالدين أو أحدهما على الأقل، وسجّلت أرقام مرعبة من الأطفال الذين أصبحوا من ذوي الحاجات الخاصة، بفعل الإصابات الفادحة التي لحقت بهم.
أما من نجوا من كلّ تلك الأهوال فيعانون يوميا مأساة النزوح، والظروف المعيشية البالغة الصعوبة، والخوف والتشرد وفقدان أدنى مستويات الأمان، بفعل استمرار الحرب في غزة. ولعلّ الصدمات النفسية التي يعانيها أولئك الأطفال سوف تستمر طويلا وستتطلب رعاية خاصة، حتى بعد انتهاء الحرب.
وفي حين يبيت أطفال آخرون في منازلهم آمنين، ويذهبون إلى مدارسهم، ويمارسون الشغف والاكتشاف تجاه كل شيء حولهم في الحياة، فإن حياة أطفال غزة، انقلبت خلال الأشهر الماضية انقلابا جذريا، فوجودوا أنفسهم محرومين من أبسط حقوقهم، إذ تعطلت العملية التعليمية بالكامل، وباتوا أسرى سجن من النار، يتعرضون خلاله للخطر الشديد، ويعانون شتى أنواع الإيذاء الجسدي والمعنوي.
يحدثنا الطفل سامي ملَكة (13 عاما)، النازح مع أمه وعائلة أبيه من شرق غزة إلى رفح، قائلا: "تعرض أبي للقنص على يدجنود الاحتلال وهو يحاول عبور الشارع من أجل الحصول على طحين لنا، وكنت في كل مرة أطلب منه الذهاب معه لقضاء حاجيات البيت، وكان يوافق، لكن هذه المرة أصر على الذهاب وحده، وكأنه كان يشعر بأن مكروها سيحدث له".