هواة المستوطنات الفضائية
من واقع خبرتنا، يرى بعض المهووسين بالمستوطنات الفضائية أن إثارة المسائل المذكورة أعلاه هي قيمة صائبة سياسياً – نوع من القلق في شأن الأشياء الدنيئة العائدة إلى الماضي بدلاً من التركيز على مستقبل يمكن أن يفيد الجميع.
لكن أطروحة تيرنر ليست خاطئة سياسياً فقط. هي أيضاً أحد الأشياء القديمة الخاطئة المعتادة. وفي الشكل التبسيطي المستخدم في خطاب استيطان الفضاء خصوصاً، هي نموذج سيء. لكي تصدقوا ذلك، عليكم أن تؤمنوا بنظرية زمان ومكان تستبعد معظم الموجودين فيهما، وكثيراً مما كانوا يفعلونه، والنتائج المؤسسية التي أنشأوها. عند هذه النقطة، ما منفعة النظرية كدليل أو تبرير؟
للمزيد إقرأ: كوكب "خفي" جديد في نظامنا الشمسي
في الآونة الأخيرة، أُضِيفت سلسلة من الأوراق الجديدة بقيادة خبير الاقتصاد الكلي صموئيل بازي إلى أدبيات تاريخ الغرب الأميركي، ما تسبب بضجة لأنها بدت وكأنها تحيي شيئاً من شبح تيرنر.
المعركة أكاديمية، يدور معظمها حول الأساليب والتفسير، لكن النتيجة الأساسية كانت أن الأجزاء الأميركية التي قضت معظم الوقت في اختبار ما يُسمَّى بتجربة الحدود المتحركة باتت لديها ثقافة مختلفة إلى حد ما عن الأماكن التي لم تفعل. لقد كانت هذه الأماكن أكثر ميلاً إلى التصويت للجمهوريين خلال الانتخابات الأخيرة وأكثر اتجاهاً إلى دعم تخفيضات الإنفاق الفيديرالي المخصص لمساعدة الفقراء – وكانت لدى سكانها قدرة أعلى على التحرك بين شرائح الدخل.
هناك بالتأكيد هواة المستوطنات الفضائية الذين سيكونون سعداء بهذه القيم. لكن لا تستعدوا للذهاب إلى المريخ الآن. البيانات معقدة عندما يتعلق الأمر بأي خطط تُعنَى بخارج كوكب الأرض.
أولاً، كانت التداعيات التي عُثِر عليها متواضعة للغاية. مثلاً، لكل عقد إضافي يُمضَى في ظل ظروف حدودية، كانت المقاطعات أكثر عرضة بنسبة واحد في المئة إلى دعم التخفيضات المخصصة للرعاية الاجتماعية.
ثانياً، لا يمكن لهذه البيانات أن تبدي لنا ما إذا كانت هذه القيم مستمدة من أثر حدودي فعلي أو مجرد اعتقاد ثقافي بإحدى هذه القيم.
كانت حكايات الغرب الأميركي القديم شائعة بالفعل خلال الزمن الفعلي الخاص بهذه المناطق. لقد جرى تداول روايات شعبية حول شخصيات مثل وايلد بيل هيكوك حتى عندما كانت هذه الشخصيات لا تزال على قيد الحياة. لذلك، على الرغم من أن القيم التي يعتنقها هؤلاء الناس يمكن أن تنبع من البيئة الحدودية المعزولة والقاسية في الأيام الماضية، ربما هي نشأت أيضاً لأن الأساطير حول الماضي شكلت وجهات نظر هؤلاء الناس عن أنفسهم.
أو يمكن أن ينطوي الأمر على شيء آخر تماماً. من دون معرفة الآلية التي أوجدت هذه القيم، لا يمكننا التأكد من إعادة إنتاجها في الفضاء.
البقاء على قيد الحياة رهن التكنولوجيا
ثالثاً، في ورقة لاحقة، وجد المؤلفون أنفسهم بعض السمات التي ربما كانت أقل استحساناً في الفضاء. أظهر الناس في المناطق الأقرب إلى الحدود استعداداً أقل للثقة في الإجماع العلمي واستعداداً أقل للتباعد الاجتماعي أو استخدام أقنعة الوجه في وقت مبكر من جائحة كوفيد-19. وقد لا يكون ذلك رائعاً في بيئة الفضاء، وهو مكان يعتمد فيه البقاء على قيد الحياة على التكنولوجيا المتقدمة والتعاون المتبادل.
ووُجِدت نتائج مماثلة في أجزاء أخرى من العالم، مثل كندا وروسيا، التي كانت لها مناطق "أساسية" و"حدودية" مميزة، ما أدى إلى تداعيات متواضعة مماثلة. وجدت الدراسات التي أجراها روبرتو ستيفان فوا وآنا نيميروفسكايا عامي 2015 و2019 أن المناطق الحدودية كانت أكثر تسامحاً مع المهاجرين وأقرب إلى الإيمان بتفوق "المسؤولية الشخصية على المسؤولية الحكومية". ومرة أخرى، كان الأثر ضئيلاً: زيادة بنسبة 1,4 في المئة و2,7 في المئة على التوالي، مقارنة بالمناطق غير الحدودية.
تحظى بعض هذه الأوراق باهتمام أكاديمي في الوقت الحالي، ولا نريد أن نخسر أداة وسط معركة كبرى في مجال العلوم الاجتماعية. النقطة التي نريد توضيحها هي أن الأثر الظاهر للحدود المتحركة، حتى لو قبلنا أكثر التفسيرات تيرنرية في العلوم الاجتماعية الحديثة، صغير جداً ومختلط تماماً، وأن طريقة عمله غير مفهومة تماماً.
إن أثر الحدود المتحركة ذو أهمية علمية، وبصراحة، وجدنا الدراسات مثيرة للاهتمام، لكنها بعيدة كل البعد عن الوعد بمستقبل يمثل تحولاً.