في يناير/كانون الثاني الماضي، علق عدد من المانحين الكبار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التمويل للوكالة، على رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، المزود الرئيس للمساعدات لـ 5,6 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن. يتزامن ذلك مع تفاقم الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزة جراء الحرب الاسرائيلية على المدنيين منذ أربعة أشهر.
سيكون لوقف التمويل من قبل الدول المانحة تأثير فادح على الخدمات الأساسية التي تقدمها "الأونروا" للاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية. ويعيش ثلث هؤلاء اللاجئين في مخيمات مكتظة تعاني من بنية تحتية متهالكة وارتفاع في مستويات الفقر.
والأهم من ذلك، سيؤثر وقف التمويل على المساعدات الحيوية لأكثر من مليوني مدني في غزة، أكثر من 50 في المئة منهم أطفال.
مع مرور السنين من دون حل لقضية اللاجئين، تزداد الحاجة إلى الخدمات بسبب النمو السكاني، مما دفع البعض إلى وصف جهود الأونروا بـ"غير مستدامة".
وقدرت موازنة "الأونروا" لعام 2022 بـ1,17 مليار دولار، وهي تحظى بتمويل من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وببعض التبرعات من جهات خاصة. وتشكل المساهمات الحكومية أكثر من 90 في المئة من موازنة الوكالة، ثلثها من الولايات المتحدة.
وتكافح "الأونروا" منذ عقود لتغطية موازنتها، إذ تعتمد على التمويل الطوعي السنوي من الدول، مما أرهق عملياتها بسبب تغير أولويات المانحين، وكثرة الأزمات الإنسانية الأخرى مثل "كوفيد-19"، والحرب في سوريا، والانهيار الاقتصادي في لبنان، والاحتلال القائم في الضفة الغربية، والحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، مما يحتم على "الأونروا" بذل المزيد من الجهود المضنية لجمع الأموال.
يؤمن معظم المانحين بأن وجود "الأونروا" ودورها مفيدان لدعم الاستقرار الإقليمي، وصار تقديم الدعم للوكالة تقليدا بالنسبة لهذه الدول.
من المرجح أن تُطالب الوكالة بمزيد من الإصلاحات، وتقليص الموازنات، والعمل بتأهب في "وضع أزمة"، ما سيرخي بثقله على كل من الموظفين واللاجئين. ومن المؤكد بأن قطع خدمات "الأونروا" يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.