بعد الهدوء الغريب الذي ساد عطلة عيد الميلاد، بدأ العام الجديد بإلقاء اثنين من السياسيين البارزين في بريطانيا خطابين رئيسين شكّلا طلقة البداية لسباق الانتخابات العامة المتوقعة عام 2024.
قدم رئيس الوزراء ريشي سوناك، زعيم حزب المحافظين الحاكم، نفسه كمرشح الاستمرارية. وحث خطابه في الثامن من يناير/كانون الثاني الحالي الناخبين على "الالتزام بالخطة" وأكد على أن البلاد "تسير في الاتجاه الصحيح".
وفي المقابل، لبس منافسه، زعيم حزب العمال المعارض، كير ستارمر، الذي يتقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي، عباءة التغيير. وقال قبل بضعة أيام إن المحافظين الذين أمضوا 14 عاما في السلطة "ليس لديهم أي شيء جيد لتقديمه" وأصر على أنهم "لا يستطيعون تغيير بريطانيا".
من المؤكد أن يسعى شاغل المنصب إلى التركيز على النجاحات التي حققها في المنصب أثناء فترة الانتخابات، في حين يؤكد خصمه على التغييرات التي يعتزم تنفيذها. لكن السياسة البريطانية لم تكن يوما بهذه البساطة. في الواقع، كان سوناك نفسه هو من ادعى، حتى وقت قريب، أنه متطرف، وذلك مثل كثير من أعضاء حزبه الذين أشرفوا على التغييرات التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت). في المقابل، كان ستارمر متحفظا بشكل واضح. ويشعر كثير من أنصاره بالقلق إزاء عدم توضيحه للطريقة التي سيقوم فيها حزب العمال بتغيير المملكة المتحدة بمجرد توليه السلطة، معتمدا بدلا من ذلك على ضعف شعبية سوناك. والآن، في ظل إمكان حصول الانتخابات في وقت ما هذا العام، كيف سيتصرف الاثنان في عام 2024، وهل يمكن لأي تطور أن يعيق ما يبدو أنه انتصار حتمي لحزب العمال؟
هل ستكون هناك انتخابات في 2024؟
بموجب القانون، يتعين على المملكة المتحدة إجراء انتخابات عامة بحلول 28 يناير/كانون الثاني 2025 على أبعد تقدير. ومع ذلك، يتمتع رئيس الوزراء بامتياز تحديد موعد إجراء الانتخابات، وهذا يعني أنه يمكن لسوناك أن يحدد الموعد في أي وقت قبل هذا التاريخ. وسمح هذا الامتياز لرؤساء الوزراء في الماضي بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة عندما يكونون في موقع متقدم في استطلاعات الرأي، أو بدلا من ذلك، تأخير التصويت لأطول فترة ممكنة على أمل ارتفاع شعبيتهم.
من المنطقي أن يؤجل سوناك الانتخابات، مدركا أنه في الوقت الحاضر يتجه نحو هزيمة مذلة
الاحتمال الأخير هو المكان الذي يجد سوناك نفسه محصورا فيه الآن. كانت الانتخابات الأخيرة، التي دعا إليها في وقت مبكر رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون، شهدت فوز المحافظين بانتصار ساحق، حيث حصلوا على 365 مقعدا في البرلمان مقابل 202 مقعدا لحزب العمال، وهو أدنى رقم يحظى به الحزب عبر التاريخ.
ولكن منذ ذلك الحين، تراجعت شعبية المحافظين. إذ ارتكب جونسون كثيرا من الأخطاء البارزة خلال جائحة كوفيد، ليس أقلها السماح بانتشار ثقافة انتهاك القواعد داخل فريقه، حيث انتشرت مقاطع فيديو لموظفين يحتفلون في مقر الحكومة (10 داونينغ ستريت) بينما كانت البلاد في حالة إغلاق تام. وبعد أن أجبره النواب المحافظون الساخطون على الاستقالة، كانت خليفته، ليز تراس، كارثة حقيقية؛ إذ قدمت تراس، بعد توليها منصبها لمدة 49 يوما فقط، تخفيضات ضريبية جذرية أدت إلى زيادة أسعار الفائدة وتفاقم التضخم وأزمة تكاليف المعيشة، ما دفع المحافظين مرة أخرى إلى التخلص من زعامتهم، الأمر الذي ألحق الضرر بسمعتهم فيما يتعلق بالكفاءة الاقتصادية والاستقرار السياسي.
ومنذ أن تولى سوناك منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2022، نجح في تحقيق التوازن في الأمور إلى حد ما، على الرغم من استمرار الخلافات داخل حزب المحافظين، حيث تواصل الفصائل المختلفة التي دعمت جونسون وتراس على نحو متباين انتقاد الزعيم الجديد. وقام رئيس الوزراء بمحاولات عدة لاستعادة مصداقية حزبه، لكنه كافح من أجل تقليص الفارق أمام حزب العمال، الذي تقدم في استطلاعات الرأي خلال نهاية ولاية جونسون. ويتقدم كير ستارمر الآن بشكل منتظم بفارق 18 نقطة، وهو أمر يمكن أن يؤدي إلى فوز ساحق إذا ما تكرر في الانتخابات العامة. وساهم في تعزيز ذلك سلسلة من الانتخابات الفرعية التي خسرها المحافظون أمام حزب العمال، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث فاز حزب العمال بمقعدين برلمانيين، ما يمثل أهم تغيير في الدعم خلال الانتخابات الفرعية منذ عام 1945.
لذلك من المنطقي أن يؤجل سوناك الانتخابات، مدركا أنه في الوقت الحاضر يتجه نحو هزيمة مذلة. وبينما اعتقد كثير من المطلعين في البرلمان أنه سيدعو إلى إجراء الانتخابات في مايو/أيار 2024، اقترح سوناك مؤخرا أن "افتراضه العملي" يتجه نحو إجرائها في النصف الثاني من العام. وتوقع المستشار المحافظ السابق، جورج أوزبورن، أن يكون ذلك في 14 نوفمبر/تشرين الثاني. وهذا يمنح سوناك مزيدا من الوقت لمراجعة رؤيته أمام الجمهور في المملكة المتحدة، بعد أن فشل حتى الآن في ترك انطباع كبير، كما أنه سيمنح ستارمر أيضا مجالا لارتكاب الأخطاء، أو بالطبع زيادة تقدمه بشكل أكبر.
محنة سوناك
إذا كانت الانتخابات ستعقد هذا العام، فإن سوناك سيدخلها متخلفا كثيرا في استطلاعات الرأي. فعلى المستوى الشخصي، تبلغ نسبة تأييده -17 في المئة، في حين تبلغ شعبية ستارمر +8 في المئة، كما أن حزبه يتخلف عن حزب العمال بنسبة 20 في المئة.
وقد حاول سوناك في سبتمبر/أيلول 2023 استعادة بعض شعبيته من خلال إعادة تسويق نفسه خلال مؤتمر حزب المحافظين؛ فعلى الرغم من وجود حزبه في السلطة منذ عام 2010، قدم سوناك نفسه باعتباره مرشح التغيير؛ حيث أعلن عن سياسات تهدف إلى استعادة الناخبين المحافظين المخذولين. وشمل ذلك إلغاء توسع خط السكك الحديدية (إتش إس 2) إلى مانشستر لتوفير المال، وتخفيف التزامات المملكة المتحدة بصافي الانبعاثات الصفري من خلال تأجيل التخلص التدريجي من سيارات البنزين من عام 2030 إلى عام 2035.
وإلى جانب هذه الانحرافات عن التعهدات السابقة التي قطعتها حكومات المحافظين، والتي يعتقد أنها لا تحظى بشعبية بين مؤيدي الحزب الأساسيين، ضاعف سوناك من خطابه المناهض للهجرة وسياساته التي تهدف إلى استمالة الناخبين اليمينيين. وعلى الرغم من أن المحكمة العليا في بريطانيا حكمت بأن خطة الحكومة طويلة الأمد لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا غير قانونية، صاغ سوناك تشريعا لإحياء الخطة في بعض النواحي. ولكنه، حتى في ذلك الوقت، واجه انتقادات من النواب المحافظين اليمينيين– بما في ذلك تراس– الذين يرون أن القوانين الجديدة ليست صارمة بما فيه الكفاية.
إلا أن هذا كله لم يحقق التأثير المطلوب بعد؛ ففي مناطق المعركة الانتخابية الرئيسة، لا يزال سوناك متخلفا كثيرا في استطلاعات الرأي، حتى بين الناخبين المحافظين. وأفادت شركتا "ريدفيلد"، و"ويلتون" لاستطلاعات الرأي، في نوفمبر/تشرين الثاني بأن حزب العمال حصل على نسبة 24 في المئة في مقاعد "الجدار الأحمر"- والتي كانت تقليديا تابعة لحزب العمال، ولكن المحافظين فازوا بها عام 2019- وتقدم بنسبة 4 في المئة في مقاعد "الجدار الأزرق"- والتي كانت تقليديا تابعة لحزب المحافظين، ولكنها تتجه الآن نحو حزب العمال أو الحزب الثالث، الديمقراطيين الليبراليين.
ويمكن أن يفسر هذا عملية إعادة التسويق التي قام بها سوناك لنفسه كمرشح الاستمرارية. وفي خبر يعتبر من الأخبار الجيدة النادرة لرئيس الوزراء، بدأ التضخم أخيرا في الانخفاض إلى 3.9 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته عند 10 في المئة في وقت سابق من العام. ويأمل المحللون أن يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار الفائدة أيضا. ومع التخفيض الضريبي الأخير المقرر طرحه هذا الشهر، يأمل سوناك في أن يرى الناخبون تحسنا في ظروفهم الاقتصادية بحلول نهاية العام. وكما هو الحال مع سلفه البعيد، جون ميجور، الذي فاز بشكل مفاجئ في انتخابات عام 1992 بعد أن حذر الناخبين من المخاطرة بالتعافي الاقتصادي الناشئ من خلال انتخاب حزب العمال، يأمل سوناك أن يقوم الاقتصاد بمساعدته، بحيث يتمكن من تبني مسؤولية أي انتعاش يمكن أن يحدث.
صرح ستارمر مؤخرا بأنه سوف يخلف تعهده بإنفاق 28 مليار جنيه إسترليني على المشاريع الخضراء إذا كان ذلك يعني مخالفة تعهد آخر بتخفيض الاقتراض الحكومي
أما ستارمر فلم يكن عليه، بفضل تقدمه السياسي الكبير في الاستطلاعات، أن يكون متذبذبا من الناحية السياسية بمقدار رئيس الوزراء. فجاء خطاب زعيم حزب العمال أوائل يناير/كانون الثاني ليركز في المقام الأول على إيصال رسالة وليس قائمة بوعود انتخابية. ومع إدراكه أن المشاكل الأخيرة التي واجهها المحافظون في الحكومة تسببت في خيبة أمل كثير من السياسيين، قال ستارمر إن الناخبين كانوا "على حق في أن يكونوا مناهضين للبرلمان"، لكن التصويت لصالحه يعني رفضا لـ"أسلوب الازدراء التي يعتقد المحافظون أنكم لا تستحقون غيره".
وهذا يتوافق مع النهج الذي اتبعه ستارمر منذ أن أصبح زعيما؛ إذ أثبت فعاليته في التركيز على ضعف المحافظين، وهي المهمة التي أصبحت أسهل بفضل أخطائهم المتكررة. ومع ذلك، فإنه كان أقل وضوحا حول ما سيفعله بشكل مختلف. وظهرت بعض السياسات المقترحة، ففي العام الجديد، كشف عن "خطة صحة الطفل"، التي ستركز على منع إصابة الأطفال بالمرض وتحولهم إلى عبء على الخدمة الصحية الوطنية، بما في ذلك تنظيف الأسنان الإلزامي في المدرسة والحضانة. وعلى نحو مماثل، وعد بزيادة الاستثمار في الاقتصاد الأخضر واتخاذ تدابير مبتكرة مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات الصحية.
ومع ذلك، فإن هذه التعهدات ليست ثورية تماما، بل جرى أيضا تخفيف بعضها. فعلى سبيل المثال، صرح ستارمر مؤخرا بأنه سوف يخلف تعهده بإنفاق 28 مليار جنيه إسترليني على المشاريع الخضراء إذا كان ذلك يعني مخالفة تعهد آخر بتخفيض الاقتراض الحكومي. والواقع أن المسؤولية المالية تشكل إحدى المهام الرئيسة لستارمر.
ومع اكتساب حزب العمال لسمعة– ظالمة إلى حد ما– بأنه غير جدير بالثقة ماليا، فإن زعيمه يريد التأكيد على أنه سوف يضع الاستقرار الاقتصادي في قلب خططه الحكومية. ومع تسبب المحافظين، وخاصة تراس، في إحداث أضرار اقتصادية كبيرة، يشعر بها الناخبون حاليا، فمن السهل الترويج لهذه الرسالة. وفي حين أن بوادر الانتعاش الاقتصادي يمكن أن تساعد سوناك على تضييق الفجوة عند حلول الانتخابات، فإن الأمر يمكن أن يتطلب تحولا اقتصاديا غير وارد لتحويل المسار نحو المحافظين.
المخاطر الخارجية
كانت الانتخابات البريطانية تقليديا أقل عرضة للتأثر بالأحداث الخارجية، وكان نصيبها من "مفاجآت أكتوبر" أقل بكثير من الولايات المتحدة، على سبيل المثال. ولكن، مع أن تقدم ستارمر يبدو بعيد المنال، فلا يزال من المعقول أن تضر التطورات في الخارج من الآن وحتى يوم الانتخابات بآفاقه الانتخابية وأن توفر لسوناك حبل النجاة.
إذا مضى سوناك قدما في إجراء الانتخابات بعد وقت قصير من الانتخابات الأميركية، فمن المؤكد أن ذلك سيؤثر على الانتخابات البريطانية
وقد أظهرت حرب غزة بالفعل هذا الضعف المحتمل؛ إذ كان سوناك وستارمر متحالفين نسبيا في دعم الهجوم الإسرائيلي على غزة بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وحث كلاهما مؤخرا على تقديم مساعدات إنسانية أكبر من حلفاء بريطانيا الإسرائيليين، مع الحفاظ على حقهم في "الدفاع عن النفس". ولكن ذلك الأمر كلف ستارمر أكثر من سوناك، حيث يعتبر كثير من نشطاء حزب العمال مؤيدين للفلسطينيين؛ فقد استقال العشرات من أعضاء المجالس الحكومية المحلية في حزب العمال بسبب ما يعتبرونه موقفا مؤيدا لإسرائيل من قبل ستارمر، في حين قام 56 نائبا من نواب ستارمر بمواجهته في تصويت لصالح اقتراح برلماني فاشل يدعو إلى وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني.
ورغم تمكن ستارمر حتى الآن من تجنب خسارة الدعم الواسع النطاق من ناخبي حزب العمال الذين يضمون بالطبع عددا كبيرا من البريطانيين الموالين لإسرائيل، فإنه يشعر بأنه أكثر عرضة لانتكاسة انتخابية قادمة من غزة من منافسه سوناك.
وفي حال تصاعد الصراع حول غزة إلى حرب إقليمية أوسع في الشرق الأوسط، فسيكون لذلك تداعيات انتخابية أيضا؛ ففي يناير/كانون الثاني، اختار سوناك المشاركة في عملية بحرية أميركية في البحر الأحمر للدفاع عن الشحن الدولي المستهدف من قبل الحوثيين في اليمن، احتجاجا على الدعم الغربي لإسرائيل. شملت تلك المشاركة هجوما مباشرا على مواقع الحوثيين في اليمن يوم 12 يناير/كانون الثاني، لمعاقبة وردع الهجمات المستقبلية، مما يزيد من احتمال جر بريطانيا إلى تصعيد إقليمي أوسع.
وهناك احتمال بأن يستفيد سوناك من هذا الأمر في حال حدوثه؛ فإذا كانت الحرب قصيرة وناجحة، يمكن أن يصدّر سوناك نفسه كزعيم حرب ناجح، وسيطمح للاستفادة من ذلك انتخابيا كما فعلت مارغريت ثاتشر بعد حرب جزر الفوكلاند في انتخابات عام 1983. ومع ذلك، قلة هم من يعتقدون أن مثل هذا التصعيد الإقليمي سيكون قصيرا أو ناجحا، وإذا لم يحظ بشعبية كبيرة، فإنه سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش سوناك الانتخابي.
ولكن ربما لا يكون أكبر المخاطر الخارجية، قادما من الشرق الأوسط، بل من الولايات المتحدة. فإذا كان أوزبورن على حق وجرت الانتخابات في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، فسيكون ذلك بعد أكثر من أسبوع بقليل من الانتخابات الأميركية.
ورغم أن الناخبين في المملكة المتحدة لن يتأثروا بشكل كامل بالناخبين الأميركيين، فإن سياساتهم يمكن أن تشكل مؤشرا مؤثرا على بعض الناخبين. ومن المؤكد أنه إذا فاز جو بايدن بالانتخابات مرة أخرى، فإن ستارمر كزميل تقدمي سيكون قادرا على استغلال ذلك. أما إذا فاز دونالد ترمب بدورة جديدة، فإن المستفيدين من ذلك ليسوا واضحين تماما. من الممكن أن يكسب سوناك دعما إضافيا من اليمينيين، الذين سيشجعهم فوز ترمب، ولكن ذلك يمكن أن يؤدي أيضا إلى رد فعل مناهض لليمين لصالح ستارمر.
إذا مضى سوناك قدما في إجراء الانتخابات بعد وقت قصير من الانتخابات الأميركية، فمن المؤكد أن ذلك سيؤثر على الانتخابات البريطانية، مع إجراء الحملات الانتخابية على كلا الجانبين من المحيط الأطلسي بالتوازي. وفي حين أن ذلك قد يمثل تحديات ونقاط حوار غير متوقعة، فإن سوناك ربما يعتقد أن الأمر يستحق المخاطرة؛ ففي نهاية المطاف، ليس لديه في الوقت الحالي الكثير ليخسره.