لندن- بحلول شهر مارس/آذار 2020، كان النظام السوري قد استعاد مناطق كبيرة من قوات المعارضة، مؤكدا سيطرته على غالبية البلاد. وعزز هذا النجاح العسكري، المدعوم إلى حد كبير من إيران وروسيا، حكم الأسد وأنقذه من الإطاحة التامة على يد خصومه.
ومع ذلك، فشل النظام في تحقيق السيطرة الكاملة على الأراضي، حيث بقي حوالي 30-35 في المئة من الأراضي السورية تحت سلطة الجماعات المسلحة الأخرى؛ ففي الشمال الغربي، تسيطر "هيئة تحرير الشام"، و"الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا عسكريا وإداريا، بينما تحكم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي يقودها الأكراد المنطقة الشمالية الشرقية.
ومع ذلك، فإن وجود الجماعات المسلحة غير الحكومية لا يقتصر فقط على هذه المناطق، إذ تواصل ميليشيات كثيرة العمل داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري. ويتعاون بعضها، مثل "قوات الدفاع الوطني"، مع هيئات أمنية وعسكرية، في حين يعمل بعضها الآخر، مثل "قوات المتمردين" السابقة والجماعات المسلحة الدرزية المحلية، بدرجة من الاستقلالية.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال ميليشيات كثيرة مدعومة من الخارج، ولا سيما من إيران- مثل "حزب الله" اللبناني، والجماعات المسلحة العراقية- نشطة، خاصة على طول الحدود السورية.
وفي حين لعبت الميليشيات الموالية للأسد دورا حاسما في ضمان بقاء النظام، فإن وجودها وأفعالها يشكلان عدة تهديدات للوظائف الأساسية للدولة الوطنية: تقويض التماسك المجتمعي، وتعطيل القانون والنظام، وتآكل سيادة الدولة، وانتهاك الحدود الوطنية. وبالمثل، أثر وجود الجماعات المسلحة غير التابعة للنظام والهياكل الاقتصادية والإدارية المتنافسة التي أنشأتها في مناطق عملياتها بشكل كبير على دور ومفهوم الدولة الوطنية. كما يؤثر وجودها على السلامة الإقليمية ويهدد بانهيار الحكم والعزلة الاجتماعية وتفكيك الاقتصاد الوطني.
الميليشيات الموالية للنظام
لعبت الميليشيات الموالية للحكومة والمتحالفة مع القوات المسلحة النظامية، دورا محوريا في الحفاظ على حكومة الأسد وفرض الأمن خلال فترة الصراع. ورغم ذلك، مع تعزيز النظام لقبضته عام 2016، استهدفت جهوده الرامية إلى إعادة تأكيد سيطرته الميليشيات التي يعتبرها عبئا أو تهديدا، مما أثار شكوكا حول مصير الفصائل غير الحكومية المتبقية. وتضمنت استراتيجيات النظام في بعض الأحيان إعادة تسمية الجماعات شبه العسكرية لتصبح جهات مساعدة للجيش العربي السوري، بدلا من تحويلها إلى كيانات محترفة.