لم يحتج الفيلم السعودي "جرس إنذار" أو حسب عنوانه الإنكليزي الذي اختارته له شبكة "نتفليكس"، From the ashes، أكثر من بضعة أيام كي يتصدر قائمة الأفلام العشرة الأكثر مشاهدة على الشبكة العالمية. تذكّرنا هذه الحالة، بفيلم "ناقة" السعودي الذي أثار اهتماما كبيرا هو الآخر بمجرد طرحه للعرض على الشبكة العالمية، وتصدر كذلك قائمة أعلى الأعمال مشاهدة.
من الناحية المبدئية، ينهض الفيلمان على شخصيات نسائية. بطلة "ناقة" هي التي تُروى الأحداث الملتبسة للفيلم من وجهة نظرها ووعيها المرتبك، وهي التي تحل محل الناقة رمزيا في التعبير عن الغضب، وتحل الناقة محلها في التعرض للعنف الذي يستجلب ذلك الغضب، منذ لحظة الميلاد تقريبا. بينما يعتمد "جرس إنذار" على أكثر من بطلة، أو في الأدق، فريق من البطلات، مدرسة بنات بطاقمها من موظفات وطالبات، إذا استعملنا مصطلحات الفيلم نفسه. وهذه خطوة تُحسب لصنّاعه، وفي مقدمهم بالتأكيد المخرج خالد فهد، وصاحبا القصة أيمن طارق جمال وعادل رضوان، وكاتبا السيناريو الكاتبة د. بسمة بنت عبد الله وخالد فهد.
هل نشجع هذه الخطوة فقط لأنها جاءت مناصرِة للنساء في صناعة السينما السعودية، دافعة بهن إلى صدارة المشهد؟ إنما نقول هذا أيضا، لأن قصص النساء حُجبت لوقت طويل عن التاريخ العام، كما تعلّمنا المؤرخة الفرنسية ميشيل بيرو، واستُبعدت بذريعة أن تاريخهن هو تاريخ منزلي، أو تاريخ عاطفي (أي تاريخ لمراسلاتهن مع النافذين من الرجال في المجتمعات)، وليس تأريخا لأحداث الحياة الكبرى في سلمها وحروبها وألاعيب السياسة والاقتصاد. على الرغم من أن التاريخ المنزلي، أو التاريخ الحبيس، إن جاز لنا التعبير لا يزال جزءا من تاريخ العام. وسواء كان "جرس إنذار" يروي قصة متطابقة مع الواقع، أو كان قصة خيالية تماما، فإننا نعلم أن الكثير مما قدمه هذا الفيلم، يجري بشكل أو بآخر في المجتمعات العربية، ومع ذلك، فإنه يحظى بالقليل جدا من الاهتمام من صنّاع السينما العرب.