توالت التصريحات الإيرانية المعبرة عن عدم رغبة طهران في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، منذ هجوم الثامن والعشرين من الشهر المنصرم على القاعدة الأميركية المسماة "البرج 22"، شمال شرقي الأردن، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين.
يأتي الهجوم في سياق استهداف الميليشيات المدعومة من إيران للمنشآت العسكرية الأميركية في العراق وسوريا أكثر من 160 مرة، منذ أكتوبر/تشرين الأول، وبالتوازي مع سلسلة من الهجمات الإسرائيلية على سوريا كان آخرها الهجوم الذي وقع في 20 يناير/كانون الثاني والذي قتل فيه خمسة ضباط من "الحرس الثوري" بينهم المسؤول عن عملياته في الخارج، وقد سبقه هجوم آخر يوم 25 ديسمبر/كانون الأول استهدف كبير المستشارين في سوريا العميد رضي موسوي والذي تقدم المرشد المصلين في جنازته.
وجهت أجهزة الاستخبارات الأميركية أصابع الاتهام إلى "المقاومة الإسلامية في العراق" المرتبطة بعلاقات وثيقة مع طهران، بما جعل الرئيس جو بايدن عرضة لضغوط كبيرة للرد على مقتل الجنود ووقف هجمات الميليشيات بشكل نهائي. وفي المقابل أتت أوامر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي واضحة لجهة تجنب حرب مباشرة مع الولايات المتحدة وإبعاد إيران عن عمليات وكلائها التي تسببت في مقتل الجنود الأميركيين، مع الاستعداد للرد إذا تعرضت إيران لضربات أميركية وفق صحيفة "نيويورك تايمز". وبهذا التزمت طهران الموقف عينه الذي اتخذته في السابع من أكتوبر مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" حيث نأت مجددا بنفسها عن ميادين العمليات في سوريا والعراق وشرعتها لمواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة تحت عنوان إعطاء الحرية للفصائل بتقدير الموقف واتخاذ القرار المناسب.
في مفاعيل الرد الأميركي
أ- استجاب القرار الأميركي للضغوط الداخلية من خلال استخدام القاذفات "بي-1" الاسترتيجية البعيدة المدى المعروفة باسم "The Bone" والتي انطلقت من الولايات المتحدة، وقد شكل هذا سابقة في التعامل مع الميليشيات الإيرانية المتمركزة في سوريا والعراق. ووفقا لموقع "إير فورس" فإن هذه القاذفات مزودة بمعدات تشويش إلكترونية للحماية الذاتية وجهاز استقبال تحذير الرادار (ALQ-161) وأنظمة إلكترونية أخرى تشكل مجتمعة نظاما دفاعيا متكاملا يدعم اختراق المجال الجوي للطرف المعادي. كما تسمح سرعة هذه القاذفات وخصائص التحكم الفائقة لها بالاندماج بسلاسة في أي قوة مختلطة من الطائرات والقاذفات الأخرى بما يجعل منها عنصرا أساسيا في أي قوة هجومية مشتركة.