من خلال قسوة اللحظات الأخيرة في حياة الأغا "آدم" وطفولته التي لا تقل قسوة، تدخلنا رواية "إهانة غير ضرورية" للكاتب والناشر السعودي الشاب إياد عبد الرحمن، إلى عالم المسكوت عنه ضمن مجموعة "الأغوات"، وهم رجال أفارقة كانوا يُخصون عمدا من أجل خدمة المتعبدين في الحرمين المكي والمدني منذ عام 1161 وحتى عام 1979. استخدم الكاتب في روايته الأحدث تقنية التداعي الحر التى نجحت في نقل عالم المهمشين بتفاصيله الدقيقة من خلال ذكريات البطل وعلاقته بمجتمع الأغاوات الذين مارسوا أفعال القسوة والإذلال بعضهم على بعض، في إسقاط نفسي على ما قاسوه في الطفولة.
ولد الكاتب والمترجم والناشر إياد عبد الرحمن بالمدينة المنورة عام 1987. تخرج في كلية هندسة الحاسب الآلي من جامعة يوتا بالولايات المتحدة الأميركية. صدرت له عدة أعمال أدبية من بينها نصوص "انعتاق" (2012) ورواية "ريب المنون" (2014) ورواية "الخليفة" (2015) كما ترجم بعض أعمال الكاتبة الأميركية الراحلة مايا أنجلو، وهو في الوقت نفسه مدير تحرير "دار ميلاد". هنا حوار معه.
"إهانة غير ضرورية" هي الرواية الثالثة في مسيرتك الأدبية فما الذي سعيت إلى تقديمه من خلالها؟
أردتُ في هذه الرواية أن ينتصر الأدب للهامش بصفته وسيلة فاعلة لتسليط الضوء على أحداث وشخصيات لا اعتبار لها. إذ استعنتُ بالقليل من الحكايات الشعبية، وبعض المصادر التاريخية الشحيحة، لسرد قصة طفل حبشي يُخصى في خمسينات القرن الماضي ويُرسل إلى مكة المكرمة ثم إلى المدينة المنورة كي يعمل لدى جماعة الأغوات، وهي جماعة من الرجال، غالبيتهم من أصول أفريقية، يقومون بإيقاف حياتهم للعمل في رعاية وتنظيف المشاعر المقدسة، وذلك بشرط أن يكون جميع أعضائها مخصيين وفاقدي الذكورة. إن نظام الأغوات هذا ليس دخيلا على الحجاز، لكنّ المشاريع الأدبية، لا سيما المحلية منها، لم تتطرق له بالشكل الكافي. لذا، أردتُ لهذه الرواية، أن تكون مدخلا مثيرا لاكتشاف الجوانب النفسية والاجتماعية والعاطفية والدينية لواحدة من أكثر الحالات الإنسانية إثارة للاهتمام.