وفي عام 1941 تطلب سيدة غامضة من الممثل جاكوب فورتشن لويد في دور المحقق كارل وايتمان، أن ينقل جثة من شارع "لونغ هارفست" إلى مكان آخر، وهي الجثة نفسها التي وجدتها شهارة حسن، وبالوضعية نفسها للجسم النائم على جانبه عاريا، ووشم في معصمه، وثقب يخترق عينه. أيضا في عام 1890 يجد الممثل كايل سولير في دور المحقق ألفرد هيلينغهيد، الجثة نفسها، في الشارع نفسه، والوضعية ذاتها.
أخيرا يأتي التفسير من زمن المستقبل 2053. عالِم فيزياء الكم، الدكتور غبريال ديفو، يتحدّث في محاضرة عن جسيم "دويتش" الذي ينقسم جسيمين عند اصطدامه بمفردة من المادة المظلمة، جسيم يذهب إلى الماضي، وجسيم يذهب إلى المستقبل. ربما يقصد السيناريست بول تومالين، مُقاربة حقائق ميكانيكا الكم، مثل التشابك الكمي بين جسيمين، واحد هنا، وآخر على أطراف مجرة أندروميدا التي تبعد عنا 2.5 مليون سنة ضوئية، ومع ذلك يرتبط الجسيمان واحدهما بالآخر، ارتباطا لحظيا، وأبديا، وهو ارتباط يحطم نظرية النسبية، مما جعل آينشتاين يقول بإحباط عن هذا الارتباط: العمل المخيف عن بُعْد. كل فبركات قصص الخيال العلمي، تقوم على نقل حقائق فيزياء الكم المخيفة، نقلا خشنا بدائيا، للأجسام الكبيرة، فيصبح البطل قادرا على الوجود في مكانين وزمانين مختلفين في آن واحد، مثل إلكترون المادة.
ديستوبيا
الممثلة شيرا هاس في دور المحققة الشرطية آيريس ميبلوود، تعيش في مدينة ديستوبية ناجية من انفجار نووي حدث في 2023. المدينة يحكمها الممثل ستيفن غراهام في دور القائد اليميني، الشمولي، إلياس مانيكس، المؤمن بنظرية مؤامرة كونية على مدينته البائسة، ويرى من الضروري القبض على عالِم الفيزياء ديفو، أو مراقبته، قبل وقوعه في يد جماعة "تشابل بيرلوس" الإرهابية. يتعلق الأمر دائما في قصص الخيال العلمي باختراع آلة السفر في الزمن.
الكابوس الذي يواجه المخرجين في الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية معا، هو تأثير شكل آلة الزمن بصريا على المُشاهِد. هنا يكون المخرج مُجبرا جماليا على منافسة النماذج القوية التي ظهرتْ على الشاشة، وغالبا كان ظهورها على الشاشة السينمائية، على سبيل المثل، آلة الزمن في فيلم "اثنا عشر قردا" Twelve Monkeys، 1995.
سنفترض أن المخرج ماركو كروزبينتنر قادر على منافسة تيري غيليام، مخرج فيلم "إثنا عشر قردا"، لكن قد لا تسمح "نتفليكس"، على الرغم من إمكاناتها المادية الهائلة، بتكلفة كبيرة لآلة زمن، تظهر في مسلسل تلفزيوني. يبقى الحل المتواضع أمام ماركو كروزبينتنر، مخرج مسلسل "جثث"، وهو أن آلة الزمن لا تتعدى أطباقا لامعة من المعدن، وبعض البقع الضوئية الحمراء التي يعبر منها الجسم البشري، فيسافر في الزمن.
تتكاثر في مسلسل "جثث" عبارة على لسان الأشرار، وهي "أنت تعرف أنك محبوب"، تُقال العبارة في الأزمنة الأربعة للأخيار الذين يبحثون في لغز جثة عالِم الفيزياء غبريال ديفو. بطل طائفة الأشرار هو الممثل ستيفن غراهام الذي يظهر في الأزمنة الأربعة، زمن 1890، باسم سير جوليان هاركر، الفيكتوري الثري، المشوش بخليط من أفكار الماسونية وتحضير الأرواح، وفي زمن 1941، يظهر عجوزا يخفي في قبو بنكه، قنبلة نووية، سيفجرها المراهق مانيكس في زمن 2023، وأخيرا يظهر في هيئة القائد المستقبلي إلياس مانيكس الذي يسافر في الزمن، عابرا من زمن 2053 إلى زمن 1890، ليعيد حياة سير جوليان هاركر، بتصويبات يعجز سيناريو المسلسل "جثث" عن الإفصاح عنها.
المحققة آيريس ميبلوود تُركِّب في أعلى ظهرها شريحة معدنية، تُشحَن كل فترة زمنية، وتسمى تلك الشريحة من زمن الذكاء الاصطناعي، باسم "سباين"، وهي تساعد المصابين بالشلل على الحركة الطبيعية. أحد أحلام الخيال العلمي، أو الذكاء الاصطناعي، هو مزج اللحم مع الحديد، أو مصالحة أجسامنا الرطبة Wetware على الأجسام الصلبة Hardware، كما في فيلم "ماتريكس"، وهو من أقوى المصالحات الفنية بين اللحم والحديد، الفتحة الحديد خلف رأس كيانو ريفز، بطل المستقبل نيو.