أبرز إصدارات السينما والمسرح في "القاهرة الدولي للكتاب 2024"https://www.majalla.com/node/309701/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%A3%D8%A8%D8%B1%D8%B2-%D8%A5%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-2024
القاهرة: يعاود "معرض القاهرة الدولي للكتاب" فعالياته في نسخته الخامسة والخمسين بمشاركة أكثر من 1200 دار للنشر من داخل مصر وخارجها، في الفترة من 24 يناير/كانون الثاني الجاري حتى السادس من فبراير/شباط المقبل. تواجه دور النشر هذا العام تحديات كبيرة، خصوصا مع الارتفاع الرهيب والمتتابع الذي يشهده الواقع المصري في أسعار السلع الأساسية.
استقبل المعرض أعدادا كبيرة من الزوار خلال أيامه الأولى، لا سيما أنها صادفت إجازات رسمية كذكرى ثورة يناير، ولذلك يصعب حاليا ترجمتها إلى أرقام حتى ينتهي المعرض، غير أن الأمور في ما يبدو تجري على نحو مستقر، حيث تحتل الروايات حتى الآن أعلى المبيعات، في حين لا يزال الإقبال على كتب الفنون مقتصرا على دوائر المتخصصين والهواة، ومن بينها إصدارات السينما والمسرح التي تشارك هذا العام بالخفوت المعتاد نفسه، الذي يدلّ على النقص الشديد الذي تعاني منه المكتبة العربيرة في ثقافة الصورة.
سير ونجوم
كثيرا ما تجذب كتب السير الذاتية القراء، وخصوصا على مستوى سير النجوم والفنانين، الأمر الذي استهوى دار "ريشة للنشر والتوزيع" المصرية فبدأت منذ نشأتها منذ أربع سنوات بكتب السير لمشاهير منهم فريد شوقي ومحمد فوزي وعبد الوهاب وهاني شنودة وصلاح أبو سيف، والعندليب الأسمر، فضلا عن بعض رموز الأدب والسياسية. تشارك "ريشة" هذا العام في معرض الكتاب للمرة الأولى وتتضمن إصداراتها ثلاثة عناوين جديدة:
يعرض يوسف الشريف سيرة يوسف شاهين، ورحلته الطويلة مع الفن السينمائي التي بدأها من المحلية وصولا إلى العالمية
"الريحاني.. فيلسوف الضحك والبكاء"، كتاب للسيناريست ماهر زهدي الذي صنفه "سيرة درامية"، وهو التوصيف نفسه لكتاب سابق من تأليفه عن اسماعيل ياسين. اعتمد زهدي في كتابه على سيرة الفنان الكبير نجيب الريحاني التي نشرت بعد وفاته، وربما يتميز هذا الكتاب بالمعالجة التي يقدمها الكاتب لحياة الريحاني، مستعينا بلازماته الشهيرة في أفلامه لرسم مشاهد حوارية -متخيلة- بينه وبين عدد من الشخصيات لم تجرِ سوى داخل صفحات الكتاب.
الإصدار الثاني هو للكاتب الشاب يوسف الشريف بعنوان "يوسف شاهين... قصة وطن" يعرض فيه سيرة المخرج المصري، ورحلته الطويلة مع الفن السينمائي التي بدأها من المحلية وصولا إلى العالمية. يروي الشريف كيف تأثر بشاهين في فترة المراهقة وتحديدا مع فيلم "عودة الابن الضال" (1976)، وهو من أكثر أفلام شاهين تماسا وانتشارا مع عدد كبير من الشباب في المرحلة ذاتها.
أما الكتاب الثالث فهو عن نجم الشاشة المصرية رشدي أباظة، تأليف د. هاني حجاج، ومن خلاله يقدّم صورة للبطل الوسيم الذي ارتبطت حياته بالعديد من قصص الحب والمغامرة، ويعكس العنوان، "الهزل والجد في حياة أبو الرشد"، مدى قرب رشدي من جمهوره حتى الآن، ولِمَ لا، وهو صاحب الضحكة المنفتحة دائما على الآخر.
من جنوب قارة آسيا، نتابع سيرة صدرت عن دار "أم الدنيا للنشر والتوزيع" بعنوان "أسطورة السينما الهندية أميتاب باتشان" للكاتب أحمد ابراهيم. وهي محاولة لرسم صورة بانورامية عن واحد من أشهر نجوم السينما العالمية، وذلك من خلال التوليف بين ثلاثة مستويات تشكل محتوى الكتاب: ترجمة لكتيب "سيرة الأسطورة" لبهوانا سومايا، ثم جزء توثيقي يخص علاقة باتشان بالمصريين وزيارته المتعددة للقاهرة، ويحتوي الجزء الأخير على عدد من الشهادات بأقلام كتاب وفنانين من بينهم صفية العمري ومادلين طبر وحسن الرداد.
داعبت أفلام باتشان الكثير من أحلام الشباب أثناء فترة المراهقة وما قبلها، وعلى الرغم من خلطتها التجارية غير الواقعية لاقت جماهيرية منقطعة النظير جعلت البعض يدّعي أن باتشان هو من صنع اقتصاد الهند الحديثة.
"أصدقاء وعشاق... والشيء الرهيب"، عنوان مذكرات الممثل الأميركي الراحل ماثيو بيري، ترجمة مريم عاشور عن دار "لغة للنشر والتوزيع". اشتهر بيري بدوره في المسلسل الأميركي الشهير، "أصدقاء" (1994) وقد تعرض في حياته لعدد كبير من المشاكل والكوارث جراء إدمانه. تصف المترجمة مذكرات بيري بأنها واقعية كتبت بجرأة تدل على شجاعة صاحبها، "فهو يأخذنا في رحلة حول مسلسل فريندز وإدمانه ومرضه ووحدته وعجزه، لكن الكتاب يظل في النهاية، مليئا بالأمل في المستقبل".
سينما الشعب
يفتقر الواقع السينمائي في مصر إلى المطبوعات والمجلات المتخصصة، حتى ليقتصر الأمر على مجلتين تقريبا، هما "الفيلم" وتصدر عن "مركز الجزويت"، إحدى منظمات المجتمع المدني الكنسي، ومجلة "أبيض وأسود" النصف سنوية من إصدارات "هيئة قصور الثقافة"، وهي من أكثر الهيئات الحكومية اهتماما بإصدارات الفنون المرئية ومن بينها فن السينما. من هنا ترجع أهمية سلسلة "آفاق السينما"، إحدى سلاسل الهيئة. إلى جانب انتظامها في الصدور، قدمت السلسلة منذ صدورها حتى الآن عددا من الكتب تميزت بتنوع الموضوعات سواء مترجمة أو عربية بالإضافة إلى اختيار الأسماء.
من ضمن هذه الأسماء يأتي السيناريست والناقد د. وليد سيف كأحد أشهر المتعاونين مع السلسلة، حيث قدم من خلالها عناوين في عدد من الموضوعات السينمائية تعتبر إضافة حقيقية للقراء من محبي السينما أو دارسيها. حرص سيف عبر أعماله على المراوحة بين الرؤية النقدية المتخصصة والجملة السلسة التي يغزل بها أفكاره وبعض الحكايات الدرامية التي تجتذب القارئ. في كتابه الجديد، "رواد الواقعية في السينما المصرية"، يعود سيف الى ما قبل ظهور الفن السينمائي في مصر مقتفيا أثر ميلاد مصطلح مدرسة الواقعية ومفاهيمها من خلال الأدب والفنون التشكيلية وغيرها منذ بداية ظهور الحركة منتصف القرن التاسع عشر، وتكتمل رحلة الكتاب بميلاد الفن السينمائي، موضحا تطور العلاقة بين السينما وبعض المذاهب الفنية وفي مقدمها الواقعية، مع عرض استقرائي لروادها من مخرجي السينما المصرية مثل كمال سليم وكامل التلمساني وصلاح أبو سيف وغيرهم.
حرص وليد سيف عبر أعماله على المراوحة بين الرؤية النقدية المتخصصة والجملة السلسة التي يغزل بها أفكاره
عن السينما المصرية أيضا، صدر كتابان في السلسلة نفسها: "السينما وحضارة مصر القديمة" وهو تأليف مشترك لـعالم الآثار د. حسين عبد البصير والناقد السينمائي سامي حلمي، وفيه يقتفي الباحثان أثر أبطال مغايرين ظهروا في السينما بأجساد محنطة وإرث حضاري يمتد لآلاف السنين حتى قدماء المصريين. في حين تتناول د. مريم وحيد فصولا من تاريخ العلاقة الشائكة بين السياسة والسينما من خلال كتاب "الخطاب السياسي في السينما المصرية"، الذي يسلط الضوء على عدد من الأفلام المصرية في محاولة لتفكيك ما حملته من أيديولوجيات سياسية سواء أكانت رمزية أم مباشرة.
الشيمي من جديد
يتواصل مدير التصوير الكبير سعيد شيمي مع قرائه في دورة هذا العام من المعرض بكتاب جديد تحت عنوان "هبة الأفلام"، باكورة إنتاج جمعية "نظر" في النشر.
تتجاوز حصيلة الشيمي من الأفلام مئة فيلم بخلاف الأفلام التسجيلية، ومنذ أن اعتزل التصوير وتفرغ للتدريس والكتابة، صدر له زهاء أربعين كتابا، أشهرها "خطابات محمد خان وصديقي سامي السلاموني". وبالإضافة إلى "هبة الأفلام"، يستكمل الشيمي مجموعة من الكتب بدأها في الأعوام الأخيرة مع دار "الهالة للنشر" حول صناعة الأفلام وما يجري وراء الكاميرا. "التعبير بالصورة في عمل الأفلام"، العنوان الذي اختاره الشيمي لكتابه الجديد الذي يعد إضافة لمجموعة مهمة تعتبر شهادة باسم جيل كامل من خلال الفن السينمائي، يقول الشيمي: "أنا أنتمي إلى هذا الجيل الذي نهلت من علمه وثقافته، وأغلب من عملت معهم من زملاء في مهنة فن السينما مثلي، وأعتقد أننا كنا مختلفين".
في غرام المسرح
سجل المسرح العربي عبر تاريخه سنوات من الازدهار كانت بمثابة عصور ذهبية لأبي الفنون، لا يزال صداها يتردّد على مستوى الوعي الجمعي. وعلى الرغم من المشكلات التي يواجهها المسرح، لا سيما التجريبي، واقتصار جمهوره في كثير من الأحيان على دوائر النخبة والمثقفين، إلا أن ثمة أصواتا شابة وخصوصا في المسرح الجامعي، كثيرا ما يقابلها المرء من خلال العروض أو المهرجانات تنبئ بفكر مسرحي مغاير وطازج يتزايد عاما بعد عام.
تعتبر إمارة الشارقة من أكثر البلدان العربية اهتماما بالمسرح نظرا لكون حاكمها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي كاتبا ومسرحيا في الأساس، من هنا تمتلئ خريطة دائرة الثقافة في الإمارة بالعديد من المهرجانات المسرحية التي تقام على مدار السنة. بدأت هذا العام بمهرجان المسرح العربي التي عقدت نسخته "14" أخيرا في مدينة بغداد بالعراق وتضمن برنامج الفعاليات زهاء 20 كتابا هي أحدث إصدارات الهيئة التي تشارك بها ضمن فعاليات معرض الكتاب مع بقية الإصدارات المسرحية من كتب ومجلات.
يناقش صلاح الحجاج موضوع "فلسفة الحرية في النص المسرحي العربي المعاصر"، طارحا فيه عددا من الأسئلة حول الواقع الراهن للمسرح العربي
ضمت باقة كتب الهيئة مجموعة من العناوين المتنوعة والمخصصة للاحتفاء بالمسرح العراقي، بداية من جيل الرواد وكتاب عن الفنان العراقي حقي الشبلي للكاتب ظافر جلود، وقد بدأ الشبلي حياته المسرحية مع فرقة جورج أبيض في القاهرة منتصف عشرينات القرن الماضي. يتذكر جلود أنه في إحدى المرات وعقب انتهاء عرض كان يشارك فيه: "تسابقت قدماه نحو سلم صغير في القاعة يؤدي إلى الخشبة، جاء هذا الرجل بكل عنفوانه ليقدم لنا نحن الطلبة –الكومبارس- تهنئة بصوته بالرخيم".
كتاب آخر عن شيخ المجربين العراقيين بعنوان "جماليات المكان في عروض سامي عبد الحميد المسرحية" من تأليف د. محمد الشمري، بالإضافة إلى "خزانة ذاكرة مهرجان بغداد للمسرح العربي" في جزءين. وعن مفهوم الحرية يناقش الكاتب صلاح الحجاج موضوع "فلسفة الحرية في النص المسرحي العربي المعاصر"، حيث يطرح عددا من الأسئلة حول الواقع الراهن للمسرح العربي في ظل عدد من المتغيرات السياسية المتوالية التي ساهمت في تشكيل وعي جديد لـ"تجعله يتحرر من الخوف وينفلت من قفص الرقابة".
أما كتاب "المسرح الديني في العراق القديم" للدكتور ماجد الأميري، فيناقش كيف بدأ المسرح في صورة ظواهر مسرحية مارسها سكان الرافدين القدامى من خلال شعائر طقوسهم الدينية، "وهكذا تصبح الحياة الشعائرية في البلاط وفي الحياة عموما نموذجا يقتدى به للنظام الاجتماعي بوصفه النظام الكوني الماورائي، أو العالم اللازمني للآلهة الرافدية". ومن المعلوم أن نشأة الفعل المسرحي عالميا ارتبطت منذ القدم بالطقس الديني، لما كان يمارس من شعائر وطقوس حركية تخص كهنة المعابد ورجال الدين، وقد سجلت المعابد الفرعونية عددا كبيرا من النقوش تبين هذه الصلوات أو العبادات في صورها الأولى.