كثيرا ما تسير الحرب والمجاعة جنبا إلى جنب. وقد تكون المجاعة عاقبة للعنف كالتي تسببها الحروب التي تدور رحاها في حقول المحاصيل، ولكن حرمان الناس من الغذاء قد يكون أيضا جزءا من استراتيجية عسكرية متعمدة.
ومن المؤكد أن هذه الاستراتيجية هي التي تثير القلق في الصراع الكابوسي الدائر في غزة. فقد حجبت إسرائيل في البداية جميع المساعدات. ثم سمحت بعودة المواد الغذائية لكن بكمية محدودة جدا حتى إن الأمم المتحدة ما انفكت تحذر من أن معظم السكان قد يواجهون المجاعة. وأدى فرض القيود على الغذاء إلى انتقادات واسعة النطاق لإسرائيل وادعاءات بأن التجويع يمثل جزءا من عقاب جماعي للفلسطينيين بينما تلاحق إسرائيل "حماس" بعد هجومها المفاجئ في 7 أكتوبر/تشرين الأول. ومن المحتمل أيضا أن يكون التشجيع على تجويع سكان غزة تكتيكا عسكريا متعمدا. وإذا كان الأمر كذلك بالفعل، فإن إسرائيل ليست سوى أحدث مثال من التاريخ الطويل والمثير للجدل للتجويع بوصفه تكتيكا حربيا.
هناك سببان رئيسان مسؤولان عن استخدام عدد لا يحصى من الجيوش للتجويع. السبب الأساسي هو إنزال العقوبة بخصمك أثناء النزاع. غير أن هناك زاوية عسكرية أيضا، فالتجويع القسري قد يضعف الإرادة في مواصلة القتال، ليس فقط بحرمان جنود الخصم من الطعام، ولكن أيضا بحرمان عائلاتهم والسكان عموما. وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى انهيار العدو أو استسلامه بسبب ما تلحقه المجاعة من إنهاك وخراب. أما مدى نجاح التجويع فالسجل التاريخي ملتبس، ولكن لا يمكن إنكار التأثير المروع للتجويع المتعمد على من يكابدونه على الطرف المستهدف في أثناء الصراع.