بيروت: برز د. الطاهر لبيب (ولد في تونس، 1942) في الساحة الثقافية والفكرية العربية منذ أوائل سبعينات القرن الماضي، كاتبا ومترجما وباحثا في علم الاجتماع، أصدر كتابه الأول "سوسيولوجيا الغزل العربي" بالفرنسية أولا ثم في ترجمات عربية، ومن ثم صدر له كتاب "سوسيولوجيا الثقافة" في طبعات مختلفة، كما أنه أشرف بعد ذلك على عدد من المؤلفات مثل "غرامشي في العالم العربي" و"صورة الآخر: العربي ناظرا ومنظورا إليه". نشر في الدوريات بحوثا سوسيولوجية تهتم بالأدب والفن والمثقف والثقافة والمجتمعات وصورة الآخر، وقد صدرت لهأخيرا رواية "البحث عن خبر إن". عن هذه الرواية وغيرها كان هذا الحوار.
في رواية "في انتظار خبر إنّ"، توظف عينك السوسيولوجية في خدمة السرد، وتعود وتمّحي "السوسيولوجيا" على حساب الراوي لتظهر من جديد، من أنتَ في هذا الكتاب الذي هو أكثر من رواية وأكثر من سيرة ذاتية؟
هناك إجابتان: الأولى، وهي الأيسر، أنه من المنتظر من عملٍ إبداعي، مهما كان صنفه، أن يتشرّب شيئا مما يُسمّى "خلفيّة" معرفيّة. من دون هذه الخلفيّة يبقى العمل عملا خاما ويبقى الروائي، تحديدا وفي أحسن الحالات، حكواتيّا جيّدا. الثاني، وهو أكثر تعقيدا، أن هناك فعليْن من الكتابة قد يجتمعان في نصّ: أحدهما هدفُه الكتابة ذاتها، أي بناء عملٍ إبداعي، والآخر هدفهُ قول الواقع. رولان بارت اعتبر الأوّل فعلا "لازما" والثاني فعلا "متعدّيا". سمّى الأوّل (écrivain) الذي اعتدنا، مقابلا له، "الكاتب"، وسمّى الثاني (écrivant) الذي لا ندري ما ترجمته الدقيقة. أما كيف تقاطع النوعان في نصّي فلا وضوح لهذا في ذهني.