لا يزال إعلان "أرامكو" السعودية توجيه تثبيت الطاقة الإنتاجية القصوى للنفط عند 12 مليون برميل يوميا بدلا من 13مليونا، يحتاج إلى الكثير من التوضيح، ومن المتوقع أن يواكب هذا التوجيه إعلان أكثر تفصيلا من إدارة "أرامكو" يوضح للمستثمرين الإطار العام لمشاريع المنبع المستقبلية من حيث تأثير هذا التغيير أو التوجيه في مشاريع المنبع وعملياته، وتلك فقط سيناريوهات وتحليلات مستقلة لا تمثل رأي أو توجه أي جهة حكومية.
هناك فرق بين القرار والتوجيه، فالقرار يكون في العادة مرتبطا بالخطط الاستراتيجية، أما التوجيه فيكون تعليمات تكتيكية تحت مظلة الخطط الاستراتيجية، وهذا يدل على أن الخطط الاستراتيجية المستوحاة من "رؤية المملكة 2030" تمتاز بالمرونة والمراجعة والتقييم الدوري الدائم.
مستوى الانتاج وقدرات "أرامكو"
وصلت طاقة "أرامكو" السعودية الإنتاجية القصوى إلى مستوى قياسي عند 12,3 مليون برميل يوميا في شهر أبريل/نيسان عام 2020، وهذا يعني أن التوجيه لا يتعلق البتة بقدرات الشركة المالية أو التشغيلية أو الفنية، ولا يتعلق بمستقبل استثمارات المنبع في "أرامكو" السعودية التي لم تتأثر قط بمستويات أسعار متدنية جدا، تقل كثيرا عن المستويات الحالية لأسعار النفط.
نعلم أن قدرات "أرامكو" التشغيلية ومرافق الإنتاج والتصدير لديها، لا تضاهيها أي مرافق أخرى حتى في كبرى الدول الصناعية ولدى المنتجين الكبار.
التوجيه لا يتعلق بقدرات الشركة المالية أو التشغيلية أو الفنية، ولا يتعلق بمستقبل استثمارات المنبع في "أرامكو" السعودية
ما بعد جائحة "كوفيد-19" ليس كما قبلها، فقد تغيرت ديناميكية أسواق النفط كثيرا بعد الجائحة مما حدا بشركات النفط الوطنية وشركات الطاقة العالمية إلى تغيير استراتيجياتها. ومن البديهي أن تكون الخطط الاستراتيجية الناجحة دائما ديناميكية بحيث تتم مراجعتها بين فترة وأخرى بحسب ما يظهر من مستجدات وتطورات على مختلف الصعد.
يأتي توجيه وزارة الطاقة لـ"أرامكو" السعودية بتحديد مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى عند 12 مليون برميل يوميا بدلا من 13، في حين قضى التوجيه السابق برفع مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة من 12 مليون برميل يوميا إلى 13 مليون برميل يوميا في شهر مارس/آذار عام 2020.
قد يكون الهدف من التوجيه الأخير تثبيت الإنتاج وليس إلغاء مستهدف 13 مليون برميل يوميا. ولا يعني هذا إلغاء التوجيه السابق، ولكن كما نعلم، تنفيذ الخطط يأتي على مراحل، خصوصا مع استمرار متغيرات السوق وتغيير الاستراتيجيات بحسب المتغيرات الاقتصادية.
لربما الهدف تثبيت الإنتاج وليس إلغاء مستهدف 13 مليون برميل يوميا
قدرة الطاقة الإنتاجية القصوى لا تعني أن السعودية سوف تنتجها بالكامل، ولكن لديها المرونة لضبط الإنتاج في أي وقت. يبلغ مستوى إنتاج المملكة العربية السعودية الحالي نحو 9 ملايين برميل يوميا، ما يعني أن هناك طاقة إنتاجية فائضة تصل إلى 3 ملايين برميل يوميا. لا يوجد أي منتج آخر لديه مثل هذه القدرة على الإنتاج والتشغيل المستدام.
تجدر الإشارة إلى أن إنتاج النفط الخام والمكثفات من الولايات المتحدة الأميركية، وإن وصل إلى مستوى قياسي عند 13 مليون برميل يوميا، فهو مستوى إنتاج غير مستدام ويخضع لمتغيرات فنية وتشغيلية تصعب السيطرة عليها في بعض الأحيان.