بيروت: تقدّم الفنانة اللبنانية جيسيكا شقير في "غاليري dachaq" في منطقة بدارو، بيروت، معرضها الجديد الذي يتضمن مجموعة أعمال تتميّز بتنوع أدائي مختلط وغني، عبر لوحات يتفاوت حجمها وتتنوع المواد المستخدمة فيها لتوازي غزارة الفكرة التي تريد إيصالها. وعلى الرغم من أنها تنحو إلى استدراج المشاهد ليلمس ذاكرته ويومياته، فما تفعله هو كناية عن إثارة ذهنية جميلة تستدرج المشاهد وتفاجئه ثم تبرز ثقافة جماعية لا واعية بقالب مختلف.
تحمل كل فكرة تقدّمها جيسيكا، معيارا للذاكرة والفن في آن واحد، يوميا بسيطا، لكنه يظهر عبر لوحة منتقاة بعناية بوصفها حطاما يعاد تجميله. فالحطام ينطوي على معنى، والأشياء التي تملك نهايتها وخلاصتها هي بمثابة إضافة أخرى، تجدها جيسيكا في كل مرة يكون الشيء قد انتهى فيها أو تشكل. معنى يُمكن الإضافة عليه والتشكيل من داخله، أي أنها تضيف دوما سيرة أخرى الى ما يبدو منتهيا، وتحوّل الأجساد الراسخة إلى أشكال وأنماط جديدة تحثُّ الذاكرة والمعنى وتثير المفاجأة. حتى لخراب المدن وانهيار عملتها معنى مضاف يمكن إبرازه، عبر تفاصيل لا تعود تكون هامشية، إذ يعاد خلقها، شكلا ولونا.
أبعاد مختلفة
لم تختر جيسيكا أن تُبرز عملها على قماش أبيض أو كرتون حيادي، إذ أن بنية المدن وتواريخها تحوز بعدا مختلفا عبر تشكيلاتها، ويأتي الكولاج على ورقة مالية، فئة الليرة اللبنانية، التي فقدت قيمتها بشكل كلّي، ليعيد الحياة إلى هذه الورقة، وما كان يوميا يتحول إلى ثابت مادي مضافة إليه قيمة معنوية، خاصة أنها تضيف إلى الورقة النقدية رمزية أخرى من تاريخ لبنان، فتصبح لها سيرة مادية بشكلها وألوانها، ثم سيرة مختلفة عبر شخصيات لبنانية وعربية أحيانا، وأماكن أثرية في أحيان أخرى، فتخيط على الورقة الصغيرة وتلون سطحها، وكلها عمليات مرتبة بانتظام لوني لتظهر بعدا لونيا ورمزيا يمس كل من يشاهدها.