أبعد من الأزمة المباشرة، تؤدي الطرق الالتفافية الواسعة التي اتخذتها سفن الشحن بسبب هجمات الحوثيين، إلى زيادة في أحجام الشحن الجوي. وإذا استمرت الأزمة، من المتوقع أن ترتفع تكلفة شحن البضائع من طريق الجو على نحو كبير، مما يثير المخاوف بين الشركات.
للمزيد إقرأ: خرق "قواعد الاشتباك الاقتصادي"
ولوحظت الزيادة الحالية في استخدام الشحن الجوي في شكل خاص في أحجام الشحنات المتجهة إلى أوروبا. هذا التحول هو استجابة من الشركات التي تتجنب الطرق الالتفافية الممتدة في البحر الأحمر حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا. وكذلك الأمر بالنسبة الى تجار التجزئة، حيث تعطي الشركات المعتادة على النقل البحري الأولوية إلى خيارات التسليم الأسرع. وتؤكد توقعات تصدرها "زينيتا"، وهي منصة قياس لأسعار الشحن، هذا الاتجاه. ويشير هذا التحول إلى توسع وشيك في دور الشحن الجوي في المنظومة الإيكولوجية الأوسع لسلاسل الإمداد. ففي الأسابيع الأخيرة، ارتفعت أسعار الشحن البحري، لتصل إلى 10 آلاف دولار لكل حاوية بقياس 40 قدماً. وسلكت سفن الحاويات، التي تجنبت هجمات الحوثيين، طرقاً التفافية طويلة، مما أدى إلى تحويل أكثر من 200 مليار دولار من البضائع بعيداً من هذه الطريق التجارية الحيوية.
إن قدرة الشحن الجوي على تقليل أوقات التسليم على نحو كبير مقارنة بشركات النقل البحري تضعه في موقع أكثر بروزاً. ومع استمرار التأخير في التجارة البحرية، تدرك الشركات في شكل متزايد الكفاءة والسرعة التي يوفرها الشحن الجوي، مما يعيد تشكيل ديناميكيات سلاسل الإمداد.
التداعيات الاقتصادية
يشكل الإغلاق المطول للبحر الأحمر تهديداً كبيراً لسلاسل الإمداد العالمية. وتواجه سفن الحاويات، التي تُعتبَر ضرورية لنقل البضائع المختلفة، تأخيرات محتملة، مما يثير مخاوف في شأن نقص المنتجات. وأوقفت أطراف فاعلة رئيسة في الصناعة، بما في ذلك "تيسلا"، الإنتاج بسبب تعطل إمدادات قطع الغيار، فيما تعيد شركات صناعة السيارات الأوروبية توجيه الشحنات، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف والتأخير. وتحذر شركات تعمل في تجارة التجزئة مثل "إيكيا" و"نكست" من تأخيرات الشحن والنواقص المحتملة.
ويؤدي عدم اليقين في البحر الأحمر إلى ارتفاع أسعار النفط، إذ قفز خام "برنت" والخام الأميركي بنحو ثلاثة في المئة أخيراً. ويضيف الخوف من نشوب نزاع إقليمي أوسع إلى التوتر، تجسد في استيلاء إيران على ناقلة نفط في خليج عمان. وإذا ما حولت هجمات الحوثيين تركيزها إلى ناقلات النفط والسفن التي تنقل المواد الخام الحيوية، فقد تكون التداعيات على الاقتصاد العالمي شديدة. ويمكن أن يؤدي النزاع الأوسع نطاقاً إلى تعطيل إمدادات الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة وتداعيات كبيرة على أسعار السلع الأخرى.
وقد يواجه الشاحنون الذين يسارعون إلى تلبية الطلبات قبل إغلاق المصانع في الصين لمناسبة السنة الصينية الجديدة، تحديات إضافية، مما يضيف تعقيداً إلى المشهد الاقتصادي العالمي الحالي.