مرت أربع سنوات كاملة بالتمام والكمال على خوض الجزائر المعركة القضائية الدولية لاستعادة الأموال المنهوبة. لكن يبدو أن رحلة الألف ميل قد تستغرق دهرا، فالقضاء الجزائري نجح إلى غاية اليوم- حسب تصريحات صادرة عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل أيام- في استرجاع 30 مليار دولار، الحصة الأكبر منها تم تحصيلها داخل البلاد، بينما يبقى امتحان استرجاع الأموال المنهوبة خارج الدولة هي التحدي الصعب والمعقد، بسبب اتخاذ العواصم الأوروبية الأموال المسروقة كورقة ضغط تلجأ إليها في علاقتها بالنظام.
ومنذ فترة قصيرة، وبالتحديد خلال خطاب ألقاه أمام أعضاء غرفتي البرلمان، بتاريخ 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن رئيس الجزائر أن سلطات بلاده "استرجعت ما يفوق 30 مليار دولار من الأموال التي نهبت خلال حقبة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة".
رفض أوروبي
ويكشف فحوى وثيقة رسمية حول الأموال والممتلكات المستردة، أن القضاء الجزائري بسط يده على جزء كبير من أموال "العصابة" (تضم رجال أعمال ورؤساء حكومات ووزراء سابقين وحتى نوابا سابقين) في الداخل، لكن يبدو أن القضاء تعترضه عثرات على الصعيد الخارجي لصعوبة الوضع لعدة أسباب أبرزها وجود حصة منها في "الجنات الضريبية" التي تستقطب أصحاب رؤوس الأموال حول العالم، إضافة إلى رفض عواصم أوروبية التجاوب مع مطلب الجزائر.
ومن بين الثروات التي صودرت داخل البلاد شركات كبرى ومؤسسات إعلامية وأراض زراعية وصناعية، ولعل أكبرها قطعة أرض في محافظة "البيض" غربي البلاد، تبلغ مساحتها 50 ألف هكتار (الهكتار الواحد يعادل 10 آلاف متر مربع)، إضافة إلى هذا استرجع القضاء الجزائري فندق 4 نجوم في برشلونة الإسبانية، كان جزءا من ثروة علي حداد الخيالية وزعيم الكارتل المالي في عهد الرئيس بوتفليقة.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها "المجلة"، فقد استرجع القضاء الجزائري مصانع تجميع السيارات، على غرار مصنعي "هيونداي"، و"سوزوكي"، إضافة إلى مجمع ضخم يشرف على تسيير النقل الحصري للطلبة الجزائريين، وظل يحتكر هذا المجال لقرابة عقدين كاملين من الزمن، والمجمع تابع لرجل الأعمال الجزائري محي الدين طحكوت، إضافة إلى أكثر من 5000 سيارة من الطراز الفاخر وطائرات ومجمعات إعلامية.
مهمة متعثرة
كذلك استرجعت الحكومة أيضا مصانع تجميع السيارات التابعة لعلامة "كيا" وعلامة "فولكسفاغن" التي كانت مملوكة لرجلي الأعمال حسان عرباوي، ومراد علمي، دون أن ننسى مصانع كبرى للعصائر والزيوت التي استرجعت.
بالنسبة لاسترجاع الأموال المنهوبة في الخارج، يصف الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور نور الصباح عكنوش، الوضع بـ"المعقد"، ويقول في حديثه لـ"المجلة": "الموضوع معقد لأنه ليس ذا بعد تقني وجنائي وقضائي فقط بل له أبعاد متداخلة والتجارب الدولية الناجحة في هذا الميدان قليلة نسبيا".