دريد لحّام يحتفل ببلوغه التسعين بإطلاق فيلمه الـ 35
"يومين" التعاون الثالث مع باسل الخطيب
دريد لحّام يحتفل ببلوغه التسعين بإطلاق فيلمه الـ 35
دمشق: شهد عام 1971 عرضين فنّيّين خالدين في الذاكرة العربيّة، أحدهما مسرحيّ للنجم المصريّ عادل إمام في مسرحيّته الشهيرة "مدرسة المشاغبين"، والثاني تلفزيونيّ، للنجم السوريّ دريد لحّام في المسلسل الكوميديّ الشهير "صحّ النوم،" الذي كتبه شريكه في ثنائيّ "غوّار الطوشة وحسني البورظان" الفنّان الراحل نهاد قلعي. مات نهاد قلعي منذ سنوات طويلة، وتوفّي نجوم "صحّ النوم" كلّهم، ومعهم كلّ نجوم "مدرسة المشاغبين"، مثل سعيد صالح، سهير البابلي وحسن مصطفى، وبقي النجمان عادل إمام ودريد لحّام يعملان بشكل متواصل إلى أن أعلن إمام اعتزاله العمل الفنّيّ مطلع هذا الأسبوع، بعد تكريمه في مهرجان Joy Awards في المملكة العربيّة السعوديّة، مُحدِثا صدمة كبيرة - ولو أنّها كانت متوقّعة - لدى ملايين المعجبين والمحبّين في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه.
بفارق يومين، افتتح دريد لحّام فيلمه الجديد، "يومين"، في العاصمة السوريّة دمشق، وهو على مسافة أيّام قليلة من بلوغه سنّ التسعين. وقد أحدث ظهور لحّام على خشبة المسرح صدمة أيضا لم تكن متوقّعة لدى معجبيه ومحبّيه. فصفّق له الجمهور طويلا، وهتف بعضهم "غوّار... غوّار"، وقد غنّى معهم جزءا من أغنية "بكتب اسمك يا بلادي" التي غنّاها قبل قرابة نصف قرن في مسرحيّته المعروفة "كاسك يا وطن".
أبو سلمى
في "يومين"، يظهر لحّام بشخصيّة أبي سلمى، الرجل المسنّ الذي يعمل في نقل الفواكه والخضروات من إحدى القرى المجاورة لمدينة دمشق، وفيها يتعرّف إلى طفلين هاربين من الفقر، ومن تعنيف أبيهما. يقدّم إليهما الطعام، فيتعلّقان به، ويركبان سيّارته خلسة، ويقتحمان حياته، طلبا للأمان والدفء في بيته. ويدّعيان أمام أهل القرية كذبا أنّه أنقذهما من عصابة خطف ومتاجرة بأعضاء بشريّة، فتهلّل القرية لمنجز بطلها المزعوم، ويصل الخبر إلى وسائل التواصل الاجتماعيّ، مما يلفت انتباه السلطات التي تقرّر إرسال مندوب إلى القرية المنسيّة لتكريم البطل.
صفّق له الجمهور طويلا، وهتف بعضهم "غوّار...غوّار،" وغنّى معهم "بكتب اسمك يا بلادي"
يرفض أبو سلمى التكريم، مؤكّدا أنّ قصّة العصابة مختلقة ولا أساس لها من الصحّة، لكنّ مختار الضيعة يقنعه بتبنّيها على مضض لأنّها الفرصة الوحيدة لأهل القرية لمقابلة مسؤول حكوميّ رفيع، وشكوى أوضاعهم المعيشيّة له، وقد لعب دور المختار الفنّان الكبير أسامة الرومانيّ – أحد نجوم مسرحيّة "غربة" الشهيرة مع دريد لحّام - الذي توفّي قبل أشهر قليلة من افتتاح فيلمه الأخير.
يقبل أبو سلمى احتواء الطفلين في داره "... ليومين فقط" قبل أن يتعلّق بهما تماما كما تعلّقا به. كتب فكرة الفيلم دريد لحّام، وحوّلها إلى قصّة سينمائيّة الكاتب تليد الخطيب.
من "عقد اللولو" إلى "يومين"
بداية مسيرة دريد لحّام الفنّيّة كانت مع افتتاح التلفزيون السوريّ زمن الوحدة السوريّة – المصريّة عام 1960، لكنّه لم يحقّق شهرة واسعة إلا عبر شخصيّة "غوّار" التي بدأت بالظهور في منتصف الستينات. وكان فيلمه الأوّل "عقد اللولو" (1964) أي قبل ستّين عاما من فيلم "يومين" – من إنتاج تحسين القوادريّ، وإخراج المخرج المصريّ يوسف معلوف.
جاء القوادريّ إلى دريد ونهاد وقال لهما: "أريد انتشارا عربيّا للفيلم، وأنتما نجمان محلّيّان، لا يعرفكما إلا بعض المشاهدين في سوريا ولبنان". اقترح عليهما التعاقد مع النجمة اللبنانيّة صباح لأداء دور البطولة، فقال له دريد: "الصبّوحة نجمة النجوم، ولن تقبل العمل معنا". وكانت مفاجأة عظيمة عندما وافقت "الشحرورة" على أداء دور البطولة في "عقد اللولو"، وعلّق دريد، كما أفاد في حوار سابق لـ"المجلة" معه: "فرحنا وتعانقنا ورقصنا، لأنّ صباح قبلت العمل معنا".
"يومين" هو التعاون الثالث مع الخطيب بعد "دمشق حلب" و"الحكيم"
34 فيلما في مسيرة دريد لحّام السينمائيّة، جمعته بنجوم عرب كبار مثل فريد شوقي، مريم فخر الدين، شادية، نبيلة عبيد، وسمير غانم، وكانت له مشاركة يتيمة مع فاتن حمامة، والمخرج العالميّ يوسف شاهين في فيلم "رمال من ذهب" قبل أن ينتقل إلى فيلميه السياسيّين المعروفين، "الحدود" و"التقرير،" للكاتب والشاعر الراحل محمّد الماغوط في منتصف الثمانينات.
وكانت هناك محاولة لتنفيذ عمل مشترك مع عادل إمام في تلك الفترة، وهو فيلم "وطن في السماء"، لكن المشروع لم يرَ النور. واليوم يأتي "يومين" من إنتاج "المؤسّسة العامّة للسينما"، وإخراج المخرج الفلسطينيّ السوريّ باسل الخطيب، شريك لحّام في آخر أفلامه، "دمشق حلب"، و"الحكيم" الذي عُرض نهاية العام الماضي، وحصد جوائز عدّة في مهرجانات سينمائيّة عربيّة.