مع ذلك، فإن مراهنة الحكومة على الذكاء الاصطناعي المؤسسي لا تخلو من المشاكل. صناعة السيارات هي مثل على ذلك. عام 2022، كانت نحو 185 مليون سيارة قيد الاستخدام على الطرق الصينية متصلة بالإنترنت، وتتوخى خطة وطنية إنتاجاً ضخماً للسيارات ذات القيادة شبه الذاتية في حلول عام 2025. ولكي يتحقق ذلك، تحتاج الشركات التي تبتكر خوارزميات القيادة الذاتية إلى كثير من البيانات لتدريب أنظمتها. وتبني شركة تدعى "دبليو آي. سي. في." منصة للبيانات التي بدأت تتدفق من السيارات.
للمزيد إقرأ: الذكاء الاصطناعي ... هذا ما ينتظرنا
في الوقت الحالي، تعيد "دبليو آي. سي. في." بيانات كل سيارة إلى شركة صناعة السيارات التي صنعتها، لذلك تحصل شركة "بي. واي. دي." على بيانات من سيارات "بي. واي. دي."، وتحصل "نيو" على بيانات من سيارات "نيو"، وما إلى ذلك. لكن الخطة في نهاية المطاف هي تداول البيانات في البورصات، حيث يتمكن مطورون آخرون لأنظمة القيادة الذاتية من شرائها. ولكي يحدث ذلك، من الواجب أولاً "إزالة الحساسية" من بيانات القيادة، كما يوضح تشو وينفو، مؤسس "دبليو آي. سي. في."، من خلال نزع التفاصيل البيومترية وتفاصيل تحديد المواقع الجغرافية التي يمكن أن تساعد أطرافاً فاعلين شريرين على متابعة تحركات أشخاص معينين.
احتمالُ حصول متابعة كهذه، من شأنه أن يخيف السلطات الصينية. اتضح لاحقاً أن أحد الأسباب الرئيسة وراء اتخاذ إجراءات صارمة ضد "ديدي غلوبال" بعد أيام من الاكتتاب العام الأولي لشركة طلب سيارات الأجرة هذه في نيويورك عام 2021، هو الخوف من أن تقع في أيدي السلطات الأميركية البياناتُ المتعلقةُ برحلات "ديدي" اليومية التي بلغ عددها 25 مليون رحلة، بما في ذلك معلومات تحديد المواقع الجغرافية المرتبطة بالركاب. تعمل الحكومة الصينية في شكل استباقي على تحديد مناطق شاسعة من الصين حيث يمكن أن يشكل جمع البيانات تهديداً للأمن القومي.
العديد من شركات صناعة السيارات، بما في ذلك شركات غربية مثل "بي. إم. دبليو"، ليس لديها خيار سوى التعاون مع الشركات المدعومة من الدولة للتعامل مع معلومات القيادة وضمان اتباع قواعد الامتثال للبيانات المحلية. وتحوطاً، تتلف بعض شركات السيارات ميزات معينة، مثل السماح للسائقين بمشاهدة لقطات حية من داخل سياراتهم وخارجها على هواتفهم. ذلك أن بعض هذه اللقطات يمكن، في نهاية المطاف، أن يصوّر عن غير قصد شيئاً حساساً.
من غير المرجح أن تقتصر هذه المقايضات بين الابتكار والأمن على السيارات. من المحتمل أن تحتاج البيانات عن القطاعات إضافة إلى بيانات الشركات الأخرى أيضاً إلى إزالة الحساسية قبل تداولها على نطاق واسع في البورصات. وسيؤدي ذلك إلى إبطاء تطوير الذكاء الاصطناعي للمؤسسات، حتى لو ظلت الخوارزميات غير مقيدة. وهو الثمن الذي يبدو أن الحزب على استعداد لدفعه في مقابل التخلص من مخاوفه.