اشتهرت الكاتبة زينب فواز (1860- 1914) بدفاعها القوي عن فكرة المساواة التامة بين الرجال والنساء، بما في ذلك العمل خارج المنزل، والمشاركة السياسية انتخابا وترشحا. وبعد أن خاضت في سجالات مع كتَّاب وكاتبات حول أهلية المرأة لأن تتبوأ دورها في المجتمع، على قدم المساواة مع الرجل، قررت أن تترجم أفكارها بكتاب يعرض سير نساء من مختلف أصقاع العالم، ضارعن الرجال في المجالات كافة، اعتمدت فيه طريقة موسوعات التراجم العربية المعروفة في التراث العربي باسم "الطبقات"، فأطلقت عليه اسم "الدر المنثور في طبقات ربات الخدور"، وبذلك تكون المناضلة النسوية العربية الأولى التي أصَّلت أفكارها بمنهج تاريخاني.
من جبل عامل إلى القاهرة
ولدت زينب بنت علي فوّاز، الشهيرة بالعاملية، في بلدة تبنين، إحدى بلدات جبل عامل الرئيسة، جنوبي لبنان عام 1860، لأسرة فقيرة. وارتحلت صغيرة إلى الإسكندرية، لتلتحق بشقيقها المحامي محمد علي فواز، حيث درست هناك دراسة خاصة لغوية وفقهية، وتتلمذت على شيوخ الإسكندرية. وبعد فترة انتقلت مع شقيقها إلى القاهرة، وهناك نشطت في الصحافة، وأصبح اسمها مطروقا في المنتديات الأدبية، فأعجب بها الأديب والصحافي الدمشقي أديب نظمي (1840 – 1918)، وتبادلا الرسائل طويلا قبل أن يتزوجا عام 1879، فسكنت في دمشق ثلاث سنوات، أقامت خلالها صالونا أدبيا في بيت زوجها، ثم طلبت الطلاق عام 1882 بسبب خلافات دبّت بينها وبين زوجة أديب نظمي الثانية، إذ كان صعبا عليها وهي المرأة المثقفة، صاحبة الشخصية القوية، أن ترضى بأن تبقى زوجة ثانية، على الرغم من حبها لنظمي وحبه الجارف لها.
بعد عودتها إلى مصر استأنفت فواز نشاطها الصحافي ، مقالات ورسائل سجالية، فكتبت في جرائد ومجلات عدة، منها "النيل"، و"لسان الحال"، و"المؤيد"، و"اللواء"، و"الأهالي"، و"الاتحاد المصري"، و"الفتاة"، و"أنيس الجليس". وتعدّدت أعمالها الأدبية، فكتبت روايتي "حسن العواقب"، و"الملك كورش"، والمسرحية الشعرية "الهوى والوفاء"، و جمعت مقالاتها في كتاب بعنوان "الرسائل الزينبية"، وقصائدها في ديوان باسمها، إضافة إلى موسوعة التراجم النسائية التي نحن بصددها، والتي خلدت اسمها في سجل التاريخ النسوي. وكانت وفاتها في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني 1914 مفاجئة لكل من عرفها، فهو لم تكن تشكو من أي مرض، ولم تكن قد تجاوزت الرابعة والخمسين من العمر.