من الاقتباسات المنسوبة إلى عالم اللاهوت في القرن الرابع القديس أغسطين "العالم كتاب، ومن لا يسافر فيه لا يقرأ إلا صفحة واحدة". ومع أن هذه المقولة تشبيه جميل يوضح كيف يمكن أن يكون السفر تعليمياً ومسلّياً كالقراءة، فإنه يوفر أيضاً طريقة مفيدة لمقارنة التأثير السلبي للسياحة بكيفية إلحاق الاهتراء بكتاب. فقد تتفكّك بعض الصفحات أحياناً عندما تقرأ فصلاً مراراً وتكراراً. وعندما تطوي زاوية صفحة عدة مرات، قد تتمزّق عند أدنى شدّ.
بعد الهدوء المفاجئ في السفر الذي ترافق مع جائحة "كوفيد-19"، عاد السفر الشخصي في سنة 2023 إلى المستويات نفسها تقريباً التي كانت عليها ما قبل الجائحة. ومع أن البعض يفرحون بالازدهار الاقتصادي المتوقّع المرافق للسياحة، يشعر آخرون بالقلق من أن يشكّل ذلك تهديدات خطيرة لبعض الوجهات الأكثر شعبية.
ما أخطار "السياحة المفرطة"؟
يرتبط مصطلح "السياحة المفرطة " برأفت علي من شركة "سكيفت"، الذي يدّعي أنه جاء به من غير قصد في سنة 2016. وقد وضع المصطلح خصيصاً للفت انتباه الناس ودق ناقوس الخطر ، وأوضح علي في مقالة لاحقة، "هذا هو بالضبط السبب الذي جعله ينتشر كالنار في الهشيم منذ ذلك الحين، لأنه لا يحتاج إلى تفسير ويهدف إلى إثارة الذعر".
تُعرِّف منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة "السياحة المفرطة" (أي الزائدة عن اللزوم أو الفائضة) بأنها " أثر السياحة على وجهة أو أجزاء منها، يؤثر بشدة على جودة الحياة المتصوّرة لمواطنيها و/أو جودة تجارب الزوّار بطريقة سلبية". وتشير تقديرات مختلفة، بما في ذلك تقديرات منظمة السياحة العالمية، إلى أن العدد الإجمالي للسيّاح سيصل إلى ما بين 1,8 و2 مليار سائح في سنة 2030.