أصدرت حركة "حماس" في 21 يناير/كانون الثاني 2024، وثيقة عنوانها: "هذه روايتنا... لماذا طوفان الأقصى؟"، وهي مهمة بما تضمنته من مراجعات وتوضيحات، ولما يمكن اعتباره نقدا ذاتيا، لكن دون الجزم فيما إذا كانت تلك الوثيقة لمجرد الاستهلاك، تحت ضغط الظرف الراهن، أم إنها أتت في سياق تطور الفكر السياسي لتلك الحركة، أم تعبر عن تيار داخلها؟
مع ذلك فإن طرح هذه الوثيقة يثير تساؤلين أساسيين: هل كانت "حماس" تحتاج حقا إلى مئة يوم من حرب إبادة إسرائيلية ضد أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، مع أكثر من مئة ألف فلسطيني بين ضحية وجريح وأسير ومفقود تحت الركام، وخراب مدن غزة، بمنازل سكانها وعمرانها وبناها التحتية لإصدار مثل تلك الوثيقة؟ وهل باتت مرجعية "حماس" في معركة "طوفان الأقصى"، تنطلق من تلك الوثيقة أم من كلمة محمد الضيف (القائد العام لـ"كتائب الشهيد عز الدين القسام") التي ألقاها يوم الهجوم على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة (7/10/2023)، علما أن البون شاسع بين هاتين الوثيقتين.
لماذا "طوفان الأقصى"؟
أتت الوثيقة طويلة، في 3770 كلمة، بالنظر لإسهابها في شرح الأفكار التي تضمنتها في خمسة عناوين:
الأول: لماذا معركة طوفان الأقصى؟ وفيه عرض لنشوء القضية الفلسطينية، منذ بداية الاستيطان الصهيوني في فلسطين، مرورا بالنكبة (1948) وصولا إلى احتلال الضفة والقطاع (1967) وانتهاج إسرائيل الاستيطان ومصادرة الأراضي والفصل العنصري، وانتهاك المقدسات، والقمع والاعتقال وحصار غزة.