رغم بعض التباينات في السياسات والتوجهات لـ"دول مجلس التعاون الخليجي"، وأيضا بعض الخلافات التي تنشب بين بعض دوله بين الحين والآخر، فإن هذا لا ينفى أن الظرف الجغرافي والتاريخي والثقافي يحتم على دول المجلس الست أن تواجه بالقدر نفسه تقريبا التحديات الخطيرة بشتى أنماطها التي تفرضها البيئتان الإقليمية والدولية.
يعد عام 2023 من أخطر الأعوام التي واجهت دول مجلس التعاون؛ إذ خلف بعض التحديات الأمنية والاستراتيجية الخطيرة، التي ستخيم بظلالها السلبية بلا أدنى شك على أمن واستقرار وسياسات دول المجلس في 2024 وما بعدها. إذا لم تتم معالجتها، وهو أمر مستبعد إلى حد بعيد في 2024.
إيران ووكلاؤها
وبطبيعة الحال، تعد الحرب الإسرائيلية على غزة، التحدي الأخطر على الإطلاق الذي واجه مجلس التعاون في 2023، بل إن كثيرا من التحديات الأخرى التي سيواجهها المجلس خلال الفترة القادمة، ناجمة عن هذه الحرب.
الحرب الإسرائيلية على غزة تمثل تحديا خطيرا لمجلس التعاون من زوايا متعددة؛ فناهيك عن تداعيات هذه الحرب- حال استمرارها في 2024 بالوتيرة المتصاعدة نفسها على أمن واستقرار المنطقة برمتها- فإن أخطر ما قد يواجه دول المجلس من تحديات هو استمرارها بالوتيرة نفسها مع تفاقم تعقد حلها؛ ربما تمتد إلى حرب إقليمية مفتوحة بين إيران وإسرائيل، أو بين الأخيرة ووكلاء إيران في المنطقة بشكل غير مباشر. وهذا بدوره سيجعل دول مجلس التعاون منخرطة في هذه الحرب بشكل أو بآخر. أو بعبارة أخرى أكثر وضوحا، ستجعل هذه الحرب منشآت دول المجلس الحيوية عرضة لضربات من وكلاء إيران.
لكن ربما ما هو أخطر على الإطلاق لدول المجلس أن مئة يوم على حرب غزة أظهرت لدول المجلس أن التهديد الإيراني لا يزال أكبر تهديد يواجه المجلس. على الرغم من اتباع دول المجلس سياسات متنوعة لاحتواء الخطر الإيراني؛ فالكويت مثلا تتبع ما يسمى سياسة "التحوط الاستراتيجي". وقطر وسلطنة عمان في علاقات تجارية ودبلوماسية متميزة مع إيران.