حيفا- بعد مرور أكثر من مئة يوم على الحرب في غزة، تبدو نقاشات الإسرائيليين حول جدوى استمرار الحرب أكثر وضوحا من أية فترة سابقة؛ وكما هو معلوم فإن مشاهد القتل والدمار الذي حل في غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على أثر هجوم "كتائب القسام" و"سرايا القدس"، وما ترافق مع ذلك من شعور بالهزيمة وعدم قدرة الجيش الإسرائيلي على الدفاع عن مواطنيه في غلاف غزة، أدت هذه المشاهد إلى ارتفاع جدي في مستويات التجنّد والشعور بالحاجة إلى رد الاعتبار من قبل عموم الإسرائيليين، بشكل قد لا نجد له مثيلا في كل سنوات الصراع.
وقد تشكل شعور المهانة والحاجة إلى رد الاعتبار والانتقام من "حماس" و"الجهاد" وعموم الغزيين في موجة غير مسبوقة من العداء للفلسطينيين وتبرير قتلهم ومطاردتهم واعتقالهم في غزة وفي عموم فلسطين التاريخية. وكتب عن ذلك الكثير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتم تلخيصه جوهريا في تسابق علني لرفع سقف أهداف الحرب من جهة، وفي تصريحات "جينوسايدية" غير مسبوقة في فظاعتها وتغولها ضد الفلسطينيين، وجزء كبير منها وثق في الدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب جريمة الإبادة (الجينوسايد) في غزة.
العداء للفلسطينيين وتبرير القتل العشوائي والقصف البربري للمدنيين في غزة تمثل سياسيا في المستوى الإسرائيلي الداخلي من تشكل دعم قبلي جارف للحرب وما تضمنته من جرائم حرب موثقة في عدة مستويات.