-
ما الهاجس الدائم الذي يحركك لكتابة الشعر؟
أحسب أن مرحلة اكتشاف الذات لدى الإنسان تدفعه –دون شعور منه- أو إرادة، إلى السعي للتعبير عن مكنونات نفسه، وأحلامه وأوجاعه. من خلال شكل من أشكال الإبداع: شعر، رواية، تشكيل، موسيقى... وفي ما يتعلق بي كان الشعر هو الجنس الأدبي الذي اتجهت إليه دون إرادة مني للتعبير عما يختلج في النفس من أحلام وهموم.
التزام
-
إلى أي مدى انعكس التزامك الإنساني في طرحك الكثير من القضايا عبر قصائدك التي حضر فيها الهم العربي، أو القضايا الإنسانية العميقة؟
- هل هناك مشكلة في توصيل رسالة المبدع، خاصة الشاعر، دون إخلال بشروط الشعرية؟
أنا إنسان ملتزم قضايا أمتي العربية من جهة، وكل ما يتعلق بالإنسان ومعاناته من جهة أخرى، والشعر له شروطه وجمالياته التي لا ينبغي تجاوزها.
كيف تأتي بمضمون فكري ضمن إطار فني جيد، تلك هي المعادلة الصعبة التي سعيت الى تجاوزها. أعتقد أن المبدع بصفة عامة، الشاعر، الروائي، المسرحي، والتشكيلي، مطالب بأن يكون له رأي في التصدي للباطل والدفاع عن الحق. أما التخلي عن المسؤولية، واللعب على خيال اللغة فذلك أمر يسير، والشاعر الذي يمتلك الثقة بالنفس لا يلتفت إلى ما يقوله من لا يملكون شجاعة الرأي والقدرة على تحمل تلك الشجاعة.
وكنت قد عبرت عن تلك المشكلة في مقدمة ديواني الثاني، "تحولات الأزمنة"، الصادر عام 1983 إذ قلت إن الأزمنة الحالية تتسم بشيوع الاضطراب في المقاييس النقدية، ولعل من المحزن حقا أن ذلك الاضطراب هو الذي يحكم تقويم التجارب الفنية، ويقود من ثم إلى ممارسة قدر من الإرهاب أو الابتزاز الفني. وبالنظر إلى سطوة النقد الصحافي خاصة يلجأ كثير من المبدعين إلى تطويع تجاربهم الفنية لتتفق مع كل صرعة تحظى بالمباركة، الأمر الذي يقود إلى تطابق الأنماط، وسد منافذ التنوع والخصوصية، ولذلك أصبحنا نقرأ تجارب مكرورة يقل فيها الجيد أو المُبتدع، ويكثر فيها الرديء أو المسخ، وأمست القصيدة تُغني عن المجموعة الشعرية، والمجموعة الشعرية تُغني عن المجموعات...
رؤية نقدية
-
أصدرت ديوان "أوشال" شعر أحمد مشاري العدواني، جمع وقراءة واختيار، بالاشتراك مع د. سالم عباس، وأحمد السقاف -حياته ومختارات، فما الذي أردت تقديمه الى القارئ؟
تعاونت مع زميلي د.عباس في جمع ديوانين للشاعر الكويتي الكبير أحمد العوداني، الذي تعانق تجربته الشعرية كبار الشعراء العرب، ولكن لا يهتم بإعلان نفسه أو جمع أشعاره ونشرها. وكان ديوانه الأول "أجنحة العاصفة" قد صدر بجهود زميلين هما خالد سعود الزيد، رحمه الله، والدكتور سليمان الشطي، وصدر ذلك الديوان في حياته. أما الديوانان الآخران، "أوشال" و"صور وسوانح"، فقد نشرناهما د. سالم وأنا بعد وفاته. ومن المؤكد أن نشر المجموعات الشعرية لمشاهير الشعراء أمر بالغ الأهمية.
-
أصدرت أيضا كتاب "الثقافة في الكويت - بواكير واتجاهات"، فما الذي وثقته في هذا الإصدار؟
يوثق الكتاب الحركة الثقافية في الكويت منذ قيام أحد العلماء الكويتيين بنسخ مخطوطة فقهية عام 1682 إلى مشارف استقلال الكويت عام 1961. والكتاب يتناول عوامل الاهتمام المبكر بالثقافة، ومظاهر ذلك الاهتمام، وجهود النساخ الأوائل، والمطبوعات المبكرة، وتاريخ الصحافة الكويتية، ومؤسسات المجتمع المدني الثقافية منذ العام 1913. والاتجاهات الفكرية في الكويت منذ النشأة، والريادات في مجالات الإبداع كافة. صدرت ست طبعات لهذا الكتاب، وأرجو أن تتسع الصحة والطاقة لإنجاز طبعة سابعة تتضمن مزيدا من الإضافات.
-
تكثر الإصدارات العربية أكثر من أي عصر مضى، بحسب وجهة نظرك هل يعكس هذا حالة إبداعية أم محاولة لإثبات موهبة متواضعة؟
السببان معا، فثمة إصدارات جيدة لمبدعين حقيقيين لهم قيمتهم، وفي المقابل هناك إصدارات هزيلة، ما كان ينبغي لها أن تصدر، ولكن وسائل النشر متاحة حاليا أكثر من ذي قبل بل إن بعض دور النشر التجارية أصبحت تستثمر أسماء مشاهير الميديا وغيرهم من طالبي الشهرة، وتكتب لهم بعض التفاهات، ثم تضع أسماءهم عليها، فتقبل عليها نوعية معينة من القُراء. ويضاف إلى ذلك ازدياد أعداد من أصبحوا يكتبون باللهجة العامية بسبب تدهور التعليم، ومن ثم عدم قدرتهم على الكتابة بالفصحى.