ضاق الاقتصاد العالمي ذرعا باعتداءات القراصنة الحوثيين المتواصلة على سفن التجارة العالمية في البحر الأحمر، إثر تراجع خطير لنشاط ملاحة الحاويات عبر خليج عدن وباب المندب وقناة السويس، نتيجة قرار أكثر من 18 شركة شحن دولية تغيير الطريق التجارية نحو رأس الرجاء الصالح، (وآخرها اليوم تعليق عملاقة الشحن اليابانية "إن. واي. كي" الملاحة عبر البحر الأحمر لكل سفنها وتغيير مسارها)، وهذا التحول لشركات النقل البحري رفع تكلفة الشحن 4 أضعاف بسبب طول المسافة على الساحل الافريقي.
وأشعرت شركات تصنيع السيارات في أوروبا وخصوصا ألمانيا عملاءها بحدوث اضطراب في سلاسل الإمداد من الصين وتايوان ودول أخرى في شرق آسيا بسبب تأخر وصول بعض المكوّنات الصناعية والتكنولوجية. وغيّرت 30 في المئة من الناقلات طريقها التقليدية من خليج عدن وقناة السويس في الاتجاهين. وكانت تمر عبرها نحو 20 ألف سفينة شحن سنويا، من إجمالي أسطول الشحن العالمي الذي يتألف من 105 آلاف سفينة ذات حمولة فردية تبلغ 100 طن فأكثر. وهي نقلت في عام 2020 نحو 11 مليار طن من السلع والمواد المختلفة عبر البحار.
ويعمل في التجارة البحرية 1,3 مليون شخص فوق البواخر وعلى الرصيف. وكلما كان هناك نزاعات زادت مسافات الشحن البحري والتكلفة كما حدث في حرب أوكرانيا وأزمة إمدادات القمح.
وقالت "أونكتاد" (UNCTAD) إن النفط الخام والمنتجات المكررة قطعت مسافات طويلة عام 2023، لأن روسيا تبحث عن أسواق بديلة بعيدة. ويبحث الاتحاد الأوروبي عن موردين بديلين للطاقة من مسافات طويلة. وكانت مسافات الشحن تراجعت عام 2020 خلال أزمة "كوفيد-19"، لكنها عادت بقوة العام المنصرم، حيث قطعت شحنات الحبوب مسافات طويلة بفضل مبادرة البحر الأسود، كما زادت تجارة الحاويات المحملة مواد صناعية من دول شرق آسيا ضمن سلاسل القيمة العالمية. وأدى التغير المناخي إلى توريد منتجات غذائية من البرازيل وأميركا اللاتينية إلى شمال أفريقيا والشرق الأوسط.