لندن: أعلنت لجنة تحكيم جائزة تي. إس. إليوت الشعرية الإثنين 15 يناير/ كانون الثاني في العاصمة البريطانية لندن اسم الفائز في الجائزة لسنة 2023، وهو الشاعر والأكاديمي الجامايكي جيسون ألن-بيسانت عن مجموعته المشاركة في المنافسة بعنوان "بورتريه ذاتيٌّ بصفتي عطيلا" Self-portrait As Othello الصادرة عن منشورات كاركانِت Carcanet Press سنة 2023.
جيسون ألن بيسانت، كاتب وأكاديمي جامايكي يعمل محاضرا بارزا في النظرية النقدية والكتابة الإبداعية في جامعة مانشستر. وهو صاحب مجموعتين شعريتين، "التفكير بالأشجار" (كَركانيت، 2021)، الحائزة على جائزة أو سي إم بوكاس للشعر لعام 2022، و"بورتريه ذاتيٌّ بصفتي عطيلا" (كاركانِت، 2023).
وتتناول مجموعة بيسانت ما يشبه محاكاة معاصرة لشخصية عطيل الشكسبيرية من خلال تصوير عُطيل حاضرا في مدن مثل لندن وباريس والبندقية، وذلك من منظور الشاعر وجسده ولون بشرته ووجوده ونقاط ضعفه، مستكشفا من خلال محاوراته الشعرية كيف تتحدث هويات عطيل المتشابكة كـ "مهاجر" و"أسود" في مشهد أوروبا في القرن الحادي والعشرين.
تتناول مجموعة بيسانت ما يشبه محاكاة معاصرة لشخصية عطيل الشكسبيرية من خلال تصوير عُطيل حاضرا في مدن مثل لندن وباريس والبندقية
وضمّت لجنة التحكيم لهذه الدورة الشاعر والأكاديمي بول مولدون (رئيسا)، وهو أحد الفائزين السابقين بالجائزة، والشاعرة والمترجمة ساشا دوغديل، والشاعرة دينيس سول، المحررة الزائرة في دورية "ذي بويتري ريفيو" الشهيرة.
وتُعدّ الجائزة أرفع الجوائز الشعرية في المملكة المتحدة التي تتلقّى الترشيحات من دور النشر في كلّ من المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا للمجموعات الشعرية المنشورة في هذين البلدين خلال سنة الجائزة. وكانت الجائزة قد انطلقت لأول مرة في عام 1993 تزامنا مع الاحتفال بالذكرى الأربعين لجمعية الكتاب الشعري (Poetry Book Society) وتكريم تي إس إليوت، الشاعر الذي كان أحد مؤسسي الجمعية.
طموحات كبيرة
وفي معرض تعليقه على المجموعة الفائزة بالجائزة، قال رئيس لجنة التحكيم بول مولدون إنّ مجموعةَ "بورتريه ذاتيٌّ بصفتي عُطيلا" هي "كتابٌ بطموحات كبيرة توازيها قدرة خيالية فائقةٌ ونضارةٌ وذوق فني. ومثلما يوحي عنوانها، تطرح المجموعةُ الشعرَ بطريقة مسرحية من خلال طيفٍ من الأصوات والسجلات ومستويات الخطاب عبر المناطق الجغرافية والعصور. وإن الأمر ليتطلّب شجاعة حقيقية لإنجاز عمل مثل هذا العمل وبهذا الأسلوب وبهذه النزاهة. نحن واثقون من أن القراء سيظلون يعودون إلى الكتاب لسنوات عديدة".
وكانت القائمة القصيرة أُعلِنت في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الفائت وضمّت عشرة شعراء وشاعرات متنافسين على هذه الجائزة المرموقة من إجمالي 186 مجموعة شعرية قدَّمها الناشرون للمشاركة في المنافسة على الجائزة. وضمّت القائمة القصيرة لسنة 2023 الشعراء التالية أسماؤهم:
Abigail Parry - أبيغيل باري
Eiléan Ní Chuilleanáin - إيليان ني شويليان
Fran Lock - فران لوك
Ishion Hutchinson - إيشيون هتشنسون
Jane Clarke - جين كلارك
Jason Allen-Paisant - جيسون آلن-بيسانت
Joe Carrick-Varty - جو كاريك-فارتي
Katie Farris - كيتي فاريس
Kit Fan - كِت فان
شارون أولدز- Sharon Olds
ويحصل الفائز في الجائزة على مبلغ 25000 جنيه إسترليني (نحو 32000 ألف دولار أميركي)، بينما يحصل كل شاعر في القائمة القصيرة على مبلغ 1500 جنيه إسترليني (نحو 1900 دولار أميركي).
لماذا أكتب شعرا عن الحبّ في عالمٍ يحترق؟/ لأُمرِّنَ نفسي وسط عالمٍ يحترق/ لأقدّم قصائد حبٍ لعالمٍ يحترق – كيتي فارّيس
وكانت مؤسسة الجائزة، بالاشتراك مع مؤسسة تي. إس. إليوت، قد نظّمت أمسية قراءات شعرية للشعراء الفائزين بترشيحات الجائزة القصيرة في قاعة "رويال فيستِفال" بمركز "ساوث بانك" في العاصمة لندن بحضورٍ جماهيري لافت عكَس أهمية الجائزة وحيوية حضور الشعر في الذائقة الثقافية في المملكة المتحدة. إذ كانت القاعة التي تتسع لنحو 2500 شخص شبه ممتلئة بالحاضرين من شتى الفئات العُمرية. وقد أدارَ الأمسية الإعلامي والشاعر الأيرلندي إيان مَكمِلان بصوته الساحر وتعقيباته العميقة والطريفة في آن.
جماليات
وقد تعاقَبَ الشعراء والشاعرات المرشحون للقائمة القصيرة في قراءة قصائد مختارة من مجموعاتهم المشاركة في الجائزة في قراءات عكَسَت مستوى عاليا من التنوّع في الجماليات والهُويات الشعرية المشاركة. وكان لافتا حضور غزة في إحدى القصائد التي ألقاها الشاعر الجامايكي المولِد، إيشيون هتشنسون، الذي قرأ نصّا من مجموعته "مدرسةُ التعليمات" School of Instructions التي تتضمّن تأملات شعرية في سِيَرِ أبناء الكاريبي الذين حاربوا في ما يُعرَف بفرقة الإنديز في الشرق الأوسط، وما عانوه من تمييزٍ عنصري.
وردّا على سؤال طرحته عليه صحيفة "غارديان" البريطانية في وقتٍ سابقٍ من العام الفائت يتعلق باستغراب حضور غزّة في أحد نصوص المجموعة، قال هتشنسون "إنّ ما يجري في غزة يفطر القلب، ذلك الرعب المروّع، يا لَفظاعته.. في الحرب العالمية الأولى، كان يُنظر إلى الجنود الكاريبيين على أنهم مُبدِّدو طلقات في جيوش بريطانيا. لم يُعاملوا معاملة متساوية ولم يُسمح لهم بحمل السلاح، حتى وإن كانوا جنودا. الفرصة الوحيدة التي أتاحوا لهم العمل والقتال فيها كانت في الشرق الأوسط، حيث غزة في فلسطين، وفي سوريا وفي ما هو الآن إسرائيل. ورغم مشاركتهم في الأعمال القتالية، إلّا أنهم كانوا أيضا يؤدّون المهام التي أدّوها في أوروبا، وهي مهام العمل الخدمي في المقام الأول، حفر الخنادق وحمل الأسلحة. أجَل، التاريخ يسكننا جميعا".
أمّا الشاعرة الأيرلندية المخضرمة يليان ني شويليان المرشّحة للقائمة القصيرة للمرة الثانية (الأولى في عام 2009) فقرأت من مجموعتها "خريطة العالم" The Map of the World نصوصا مهجوسة بسوء الطالع والكوارث وثِقَل التاريخ على الذات البشرية اختتمتها بقصيدة بعنوان "زمن الحرب":
"الدير الآن مليء بالنسوة
عاثرات الحظّ
زوجات مهجورات
حموات وبنات أخوة وإبنات
رجال كان يتوجب اختفاؤهم لبعض الوقت".
بدورها قرأت الشاعرة أبيغيل باري بأسلوب إلقاءٍ مسرحيّ متمرّسٍ نصوصا من مجموعتها المعنونة "أظن أننا وحدنا الآن" I Think We're Alon Nowاتّسمت بعُمق الالتقاطة الشعرية وحذاقة التركيب اللغوي الحسيِّ في معالجة مادة النصوص الأساسية وهي الحميمية.
وقرأ الشاعر البريطاني المولود في هونغ كونغ كِت فان نصوصا من مجموعته التي تحمل عنوان "قارئ غيمة الحبر" The Ink Cloud Reader اتّسمت بطابعها التجريبيّ.
من جهتها، غيّرت جين كلارك اتجاه الريح الشعرية للأمسية بقراءة نصوص عاطفية رقيقة رومانسية الطابع من مجموعتها "تغيُّرٌ في الهواء" Change in the Air" وهي مجموعة نصوص بمثابة قصائد حب لعالمنا الجميل والهشّ.
وأطلّت الشاعرة المخضرمة شارون أولدز عبر شاشة العرض في تسجيلٍ لنصوصٍ مختارة من مجموعتها التي حملت عنوان "بالادز" Balladz، وهي كلمة يشير مفردها إلى الأغنية الشعبية الأيرلندية الي تحكي قصة في مقاطع قصيرة ويجري تداولها شفاها بين الناس دون معرفة مؤلّفيها. وقد تناولت النصوص التي قرأتها أولدز تجربة الحِجر والعزلة في وقت جائحة كوفيد-19 إلى جانب موضوعاتٍ أخرى من قبيل الفقد وعلاقة الكائن بالطبيعة.
أمّا الشاعرة فرانك لوك فتستوحي نصوص مجموعتها الشعرية التي جاءت بعنوان "الضبع!" !Hyena من المأثور الشعبي الثريّ الذي يحيط بشخصية هذا الحيوان مستكشفة في نصوصها ما يشبه التحول السحري للناس إلى حيوانات في رصدٍ مجازيٍّ لما تُخلّفه الخسارات المفاجئة والمؤلمة من آثار على الكائن البشري.
وقرأ الشاعر الأيرلندي جو كاريك-فارتي نصوصا من مجموعته التي حملت عنوان "سماءٌ أكثر" More Sky تناولت موضوعات شائكة من قبيل تجربة الإدمان والانتحار والعنف المنزلي بلغةٍ مفعمة بالحيوية والسريالية.
وكانت خاتمة القراءات مع الشاعرة كيتي فارّيس المتعافية من سرطان الثدي والتي أوضحت أن كتابة نصوص مجموعتها المشاركة في المنافسة بعنوان "الوقوف في غابة البقاء حيَّة"، Standing in the Forest of Being Alive تزامنت مع جلسات علاجها وصولا إلى انتصارها على مرضها. وممّا قرأتهُ فارّيس: