يتوقع كثير من المحللين إمكان انزلاق الحرب في غزة بسهولة إلى حرب إقليمية أوسع، خاصة بعد اشتداد المخاوف عقب الهجمات الأميركية والبريطانية على الحوثيين في 11 يناير/كانون الثاني. لكننا لسنا في أوروبا عام 1914، حيث كانت دول مثل النمسا وروسيا وألمانيا تسعى إلى خوض حرب واسعة النطاق.
في السياق الحالي، لا تسعى واشنطن ولا طهران إلى صراع إقليمي واسع النطاق، وكلتاهما لديها القدرة على توجيه قواتهما العسكرية لتجنب الاشتباكات المباشرة.
في نهاية المطاف، من غير المرجح أن تؤدي الحرب في غزة إلى اضطرابات إقليمية كبرى، ولكن من المرجح أن تؤدي إلى إضعاف كافة الأطراف الرئيسة المعنية.
بايدن لا يريد حربا كبيرة
تحاول إدارة بايدن ردع إيران وحلفاءها عن مهاجمة أهداف أميركية أو إسرائيلية وضمان خفض العمليات العسكرية في النهاية والعودة بالمنطقة إلى الاستقرار نسبيا. انظر إلى الانتشار العسكري الأميركي؛ فقد غادرت مجموعة من القطع البحرية مع حاملة الطائرات "جيرالد فورد" البحر المتوسط يوم 5 يناير/كانون الثاني. وهذا مؤشر قوي على أن واشنطن قد تشن غارات جوية محدودة لكنها لا تريد ولا تتوقع حربا كبرى مع إيران.
ثمة حسابات سياسية في واشنطن. والأهم من ذلك أن الدعم الشعبي لحرب كبرى مع إيران لا يزال ضئيلا. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" في ديسمبر/كانون الأول 2023 أن 36 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن الولايات المتحدة قد أفرطت كثيرا في مساعدة إسرائيل، بينما يعتقد 24 في المئة فقط أن على الولايات المتحدة أن تقدم المزيد. كما بيّن استطلاع للرأي أجرته شركة "جي إل بارتنرز" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن 32 في المئة فقط من الأميركيين يؤيدون إرسال جنود للقتال إلى جانب إسرائيل بينما يعارض ذلك 48 في المئة. والشباب والسود، وهم عناصر أساسية في قاعدة بايدن السياسية، هم على الأخص من عارضوا استخدام القوات الأميركية. وفي خضم حملة إعادة انتخاب صعبة، فإن نشوب حرب كبيرة مع إيران من شأنه أن يحمل لبايدن مخاطر سياسية كبيرة.