جرى الترحيب بالانتخابات في تايوان باعتبارها نجاحا صارخا للديمقراطية الليبرالية. ومع ذلك، فإن فوز الحزب الديمقراطي التقدمي في تايوان لم يكن مطلقا. ستكون إدارة الرئيس المنتخب وليام لاي بالتأكيد مقيدة إزاء أي تغيير كبير في المسار خلال السنوات الأربع القادمة. وفي الوقت نفسه، أثبتت سياسة بكين تجاه تايوان أنها غير فعالة وتحتاج إلى تغيير في المسار.
كان النجاح السياسي الذي حققه وليام لاي، نائب الرئيس ورئيس تايوان المنتخب، مذهلا في أكثر من جانب؛ إذ إن سجل لاي حافل بالانتصارات السياسية، حيث كان عضوا في مجلس اليوان التشريعي أربع مرات وعمدة مرتين وكان نائبا للرئيس ومرشحا رئاسيا، كما فاز في كل الانتخابات الكبرى التي شارك فيها. وكان فوزه الرئاسي عام 2024 تقديرا للمشاعر العامة المتغيرة بقدر ما كان تقديرا لبراعته السياسية.
ثانيا، يعتبر هذا النجاح هو الفوز الثالث على التوالي للحزب الديمقراطي التقدمي في انتخابات الرئاسة التايوانية، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها حزب سياسي مثل هذه الإنجازات منذ بداية إجراء الانتخابات الديمقراطية في تايوان.
ثالثا، جاء فوز الرئيس المنتخب وليام لاي تحت ضغوط كبيرة من الصين، وهذا يعني أن فعالية وشعبية الضغوط العسكرية والاقتصادية من الصين تتناقصان بشكل متزايد بين أفراد الشعب في تايوان.
ومع ذلك، وراء هذا النجاح الباهر هناك انحسار لشعبية الحزب الديمقراطي التقدمي في تايوان؛ إذ فاز الحزب الديمقراطي التقدمي بنسبة 40 في المئة من الأصوات العامة في انتخابات الرئاسة عام 2024. ومقارنة بالأصوات التي فاز بها الحزب في الانتخابات الرئاسية في المرتين السابقتين والتي حقق فيهما نسبة 56 في المئة و57 في المئة، فقد خسر الأغلبية بشكل واضح.
لم يكن "الكومينتانغ" (الحزب القومي الصيني) المؤيد للوحدة، والمنافس الرئيس للحزب الديمقراطي التقدمي، هو المستفيد. بل تعزى خسارة الحزب الديمقراطي التقدمي إلى فقدان الشعبية بين الشباب الذين قاموا بدعم حزب سياسي صاعد، وهو حزب الشعب التايواني، الذي من الممكن أن يصبح أكثر أهمية في مستقبل تايوان السياسي.
جاء فوز الحزب الديمقراطي التقدمي على حساب خسارته 11 مقعدا في مجلس اليوان التشريعي التايواني في هذه الانتخابات، ما أدى إلى فقدانه لأغلبيته التشريعية. وعلى الرغم من انعدام تفاعل "الكومينتانغ" مع الشباب وروايته الضبابية التي تدعم اتفاق عام 1992، إلا أنه نجح في تحقيق تقدم ضئيل، بمقعد واحد أكثر من الحزب الديمقراطي التقدمي في مجلس اليوان التشريعي.
إن حكم الحزب الديمقراطي التقدمي على أساس خسارة الأغلبية في كل من الانتخابات الرئاسية ومجلس اليوان التشريعي سيجعل من سنواته الأربع المقبلة فترة تتسم بالتنازلات وسياسة الحياد، مما يحد من إمكانية إحداث تغيير كبير في المسار.