غالبا ما تكون الحروب فوضوية، ومن الصعب استخلاص دروس محددة منها. ولكن مع ذلك، ثمة أمثلة متكررة لحقيقة بديهية منذ الحرب العالمية الثانية، تعود في هذه الأيام لتطفو من جديد في غزة: الدول القوية تتغلب على المعارضين الأضعف بقوة عسكرية هائلة، ولكنها في نهاية المطاف تغرق، بل وتهزم على المدى الطويل. وقد يكون ذلك بسبب عدم وضوح الأهداف الاستراتيجية أو السعي وراء أهداف غير قابلة للتحقيق.
يمكن أن يؤدي التفاوت في القوة إلى الثقة المفرطة في الدولة الأقوى، مما يؤدي إلى التركيز على التكتيكات الفورية بدلا من التركيز على تحقيق نجاح استراتيجي طويل المدى. هناك خطأ شائع يتمثل في الخلط بين التكتيكات والاستراتيجية أو الاعتقاد بأن التفوق التكتيكي يمكن أن يعوض عن استراتيجية معيبة أو مفقودة.
ومن الأمثلة المبكرة على ذلك ما حدث مع الفرنسيين في الجزائر في الخمسينات وأوائل الستينات؛ فقد اندلعت حرب وحشية عندما حاولت الحكومة الفرنسية الاحتفاظ بمستعمرتها (الجزائر) في مواجهة كفاح "جبهة التحرير الوطني" لإنهاء الاستعمار. وفي أعمال العنف التي صورها جيلو بونتيكورفو ببراعة في فيلم "معركة الجزائر" عام 1966، استخدم الجيش الفرنسي تكتيكات وحشية وفعالة، بما في ذلك التعذيب والقتل، لتقويض "جبهة التحرير الوطني" في الجزائر العاصمة على المدى القصير. ولكن في نهاية المطاف، انتهى النهج الفرنسي إلى الإفلاس استراتيجيا وفشل في منع الجزائر من الحصول على استقلالها عام 1962.