توسيع إطار التمويل الميسر والآجل لتحقيق أهداف التنمية والتصدي للتغيرات المناخية.
تتولى هذا الأمر حاليا المصارف الإنمائية العامة والمتعددة الأطراف. وقد اقترحت الهند، خلال رئاستها مجموعة العشرين في السنة المنصرمة، التركيز على إصلاحات المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف، وعمد البنك الدولي نفسه إلى رسم خريطة طريق لذلك، تبدأ بزيادة عدد مساهميها وحجم قاعدة رأس المال المدفوع لهذه المصارف انسجاما مع تعاظم حجم الاقتصاد العالمي أو ازدياد احتياجات الاستثمار في التنمية المستدامة. وكان البنك الدولي قد أوصى في عام 2015 بالانتقال "من المليارات إلى تريليونات الدولارات" على أن يقترن الأمر بتغيير أساليب العمل لضمان أن تكون عمليات الإقراض ذات وقع أكبر وأكثر فاعلية على التنمية المستدامة والتصدي للكوارث المناخية.
كذلك، ينبغي تحسين شروط الإقراض، ومنها زيادته بالعملة المحلية، مما يحد من أخطار أسعار الصرف التي تواجهها الحكومات أو توفير التمويل من خلال أسواقها المالية المحلية، ما سيكون له فائدة إضافية تتمثل في المساعدة على تطوير تلك الأسواق.
ويتعين على المصارف الإنمائية العمل على إعداد تقارير تظهر الآثار المحققة ونشرها بشفافية، مبيّنة العلاقة بين الحوافز الداخلية وهذه الآثار في ضوء الأخطار والجدوى المالية. إذ لا ينبغي حصر التمويل في مشاريع استثمارية مقبولة من الناحية المصرفية فقط، بل ينبغي أن يكون الهدف تحقيق أقصى قدر من التنمية المستدامة.
تبرز في هذا الإطار أهمية "الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة" الذي تقرر انشاؤه أخيرا، لتكون قروضه أقل تكلفة واستحقاقها أطول بكثير من تلك المطبقة على تمويل الصندوق التقليدي (20 سنة بعد مهلة سماح تمتد لعشر سنوات) وتستفيد منه الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل المعرضة للأخطار لدعم جهودها لمواجهة التحديات الهيكلية وتحديات التغيرات المناخية.
وكان "الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر" قد حصل خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين الأخيرة في مراكش على 17 مليار دولار كموارد لقروض تمنح للدول الفقيرة بدون فائدة بحسب إعلان رئيسة الصندوق، كريستالينا جورجييفا.
ويرى البروفسور ستيغليتز أنه يجب عدم التركيز فقط على جمع المزيد من الأموال بزيادة أو توسيع قاعدة رأس المال أو الاقتراض، بل أيضا على تعزيز إيرادات الأسواق الناشئة والدول النامية من خلال عدد من الإجراءات مثل إلزام الشركات الغنية دفع حصتها العادلة من الضرائب في الدول التي تعمل فيها.
وكانت المؤتمرات التي عقدت قبل اجتماعات مراكش العام الماضي، أي قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد في باريس، وقبله مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في شرم الشيخ، وقمة مجموعة العشرين في نيودلهي، قد خلصت إلى المبادىء الآتية: أولا، لا ينبغي لأي دولة أن تختار بين مكافحة الفقر المدقع ومكافحة أزمة المناخ؛ ثانيا، أن يكون لكل دولة الحق في أن ترسم مسارها الخاص وفقا لظروفها الوطنية في استراتيجيات التنمية والمعالجة المناخية؛ ثالثا، هناك حاجة إلى صدمة في التمويل الميسر؛ ورابعا وأخيرا، لا بد من الافادة من الاستثمار الخاص لتسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة.
تعزيز شبكة الأمان المالية
كانت الغاية الأساسية من حقوق السحب الخاصة وفقا لما اتفق عليه في صندوق النقد الدولي، أن تكون أصلا احتياطيا مكملا في النظام النقدي الدولي، بعدما تبين في مرحلة معينة عدم كفاية الذهب والدولار المعروضين لحاجات التدفقات التجارية والمالية. واقتصر إصدار هذه الحقوق لاحقا على سد ثغر في شبكة الأمان المالي العالمية من دون ان تكون هناك رغبة بإصدارها بانتظام.
أما توزيعها، فيتم وفقا لآلية تتناسب مع حصص الدول في صندوق النقد الدولي بحسب المادة 15 من نظامه الأساسي. وفي عملية الإصدار الأخيرة التي جرت في أغسطس/آب 2021، وهي الأكبر تاريخيا، إذ بلغت قيمتها 456,5 مليار وحدة بما يعادل 650 مليار دولار، حصلت الدول النامية على نحو الثلث فقط من هذا الإصدار بينما تلقت أكثر الدول ضعفا أقل من ذلك بكثير، مما دعا دول مجموعة السبع إلى حث مجموعة العشرين للإعلان طوعا عن إعادة توجيه ما قيمته 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لصالح الدول الأقل نموا، لتحويلها إلى قروض أو منح للاستثمار في التنمية ومعالجة المعضلات المناخية. لكن المبلغ الذي أعيد توجيهه فعليا كان في حدود الثلث فقط.
المطلوب اليوم لمكافحة الأزمات والكوارث بفاعلية، أن تتم عملية إصدار حقوق السحب الخاصة بسرعة وبصورة تلقائية عند بداية هذه الأزمات والكوارث شرط توافر الشروط المطلوبة تفاديا لأي إبطاء لدواع سياسية. فخلال أزمة عام 2008 المالية، استغرق الأمر 11 شهرا للاتفاق على إصدار حقوق السحب بينما استغرق الأمر 17 شهرا خلال أزمة "كوفيد-19" عام 2020.