لندن: كان من الصعب تفسير موقف عدد من المتاحف حين قرّرت إرجاء إقامة معارض استعادية للفنان الأميركي فيليب غوستون (1913 ــ 1980) قبل سنوات. قيل يومذاك وبعدما تراجعت تلك المتاحف ومن بينها "تيت مودرن" بلندن الذي يقيم له حاليا معرضا كبيرا، إن سبب ذلك الإرجاء انما يعود إلى موقفه الشديد التطرف من العنصرية. كانت هناك رغبة في أن لا تُفتح ملفات التاريخ الأميركي المعاصر المليئة بالصفحات السود ومنها صفحة "كو كلوكس كلان"، وهي المنظمة العنصرية التي تبنت العنف في التعامل مع الآخر غير الأبيض وفي الأخص ذوي الأصول الأفريقية.
هذا ما بدا واضحا في المعرض الحالي. هناك مرحلة، ركز فيها غوستون على الأقنعة المثلثة البيضاء في الوقت الذي يستعرض فيه من حولها عالمه المكتظ بالأشياء التي تشير إلى الحياة بتدفق معانيها الإنسانية. لقد دان الرسام الذي يعتبر واحدا من أهم مؤسسي "مدرسة نيويورك" في نهاية أربعينات القرن العشرين، السلوك العنصري الذي طغى على الشخصية الأميركية في واحدة من أهم مراحلها التاريخية حرجا، وهذا كما يبدو قد أزعج المؤسسة الرسمية الأميركية التي لا تزال تشعر بالغيظ من رسام وصفه الفنان المكسيكي ديفيد سيكيروس في حينه بأنه "أحد الرسامين الواعدين سواء في الولايات المتحدة أو المكسيك". وعلى الرغم من أن سنوات "كو كلوكس كلان" صارت جزءا من الماضي، فإن استعادة رسوم غوستون لا تزال صادمة. فهي تمزج العنف بالسخرية. سيكون علينا ونحن نشاهدها أن نقف أمام يوميات قرّر كاتبها أن يجازف بحياته في مواجهة عصابات شريرة، كان الحرق على الصليب شعارها.