في مشهد السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، يتراجع الصراع الحالي في غزة، على الرغم من خطورته، أمام الضرورة العاجلة لمعالجة التهديد الأمني البحري الذي تشكله جماعة المتمردين الحوثيين، المدعومة من إيران، والتي تجاهلها المجتمع الدولي منذ نهاية الحرب الأهلية في اليمن في أبريل/نيسان 2022 إلى حد كبير.
يشكل الحوثيون الآن تحديا كبيرا لمصلحة الولايات المتحدة طويلة الأمد في المنطقة، المتمثلة في تدفق التجارة والملاحة دون عوائق. والقضية الملحة الآن هي تحديد كيف يجب أن ترد واشنطن على هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية في البحر الأحمر.
أقترحُ في هذه المقالة استكشاف أربع خيارات، يمكن أن تكون متداخلة ومتكاملة، وسأعرض هذه الخيارات حسب تزايد احتمالات التصعيد، بدءاً من الأقل عدوانية إلى الأكثر عدوانية. وسوف أقيّم كل خيار من حيث مزاياه وعيوبه واحتمالية نجاحه. ثم سأوصي، أخيرا، بما أعتقد أنه النهج الأقل كلفة والأكثر فاعلية، ربما، في حالة استمرار العدوان الحوثي – وهو خيار ضرب أهداف عسكرية للحوثيين داخل اليمن.
الخيار الأول: الدفاع والدبلوماسية
يستند هذا الخيار إلى قناعة أميركية بأن الحرب مع الحوثيين لن تؤدي إلا إلى تشجيع الجماعة وتعزيز مصداقيتها، على الصعيدين المحلي والإقليمي. كما أن استخدام القوة لن يهزم سياسيا حركة حازمة، صامدة، ومشتتة، يمكنها أن تختبئ في الكهوف والأنفاق الجبلية، ولن يدمرها عسكريا.
وقد نجا الحوثيون بالفعل من حملة القصف التي قادها التحالف العربي لسنوات. فالهجمات المحدودة التي تشنها الولايات المتحدة وربما حلفاؤها الغربيون، مهما تكن مؤلمة أو جراحية، لن تسحق المنظمة التي ستستمر في تلقي الإمدادات العسكرية والاستخبارات والتدريب من إيران.
اقرأ أيضا: إعادة تأسيس الردع البحري بحاجة إلى إجراءات جريئة
وبدلاً من الوقوع في فخ المواجهة العسكرية مع الحوثيين، قد تعزز الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لوضع حد للحرب الإسرائيلية في غزة، والتي، إذا صدّقنا الحوثيين في قولهم، هي السبب وراء شنهم هجمات في غزة. البحر الأحمر.
من شأن هذا النهج أن يرقى في الأساس إلى كشف خدعة الحوثيين. قد لا ينجح هذا الأمر، وعلى الأرجح لن ينجح – لأن الحوثيين يرون فرصة في خوض معركة مع الولايات المتحدة بغض النظر عما يجري في غزة – لكنه سيمنح واشنطن حجة قوية في التصدي لهم في مجلس الأمن الدولي. وكلما ظهر الحوثيون أكثر تعنتا واستهتارا أمام العالم، اتسع الإجماع الدولي على مواجهتهم وزادت الضغوط الدبلوماسية التي يمكن ممارستها ضدهم، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية صارمة وإعادة تصنيفهم منظمة إرهابية.