كان الهدف الأول للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من إطلاقه للغزو العسكري على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 تحقيق السيطرة على البلاد في غضون ثلاثة أيام، والإطاحة بالحكومة الحالية، وإقامة نظام جديد يكون مواليا للكرملين.
ولتحقيق هدفه، قامت روسيا بتجميع قوة قوامها نحو 200 ألف جندي على حدود أوكرانيا، استعدادا للمشاركة في أكبر هجوم على دولة أوروبية يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
ومع ذلك، مع وصول الحرب إلى ذكراها السنوية الثانية عام 2024، تظل آمال موسكو في تحقيق أهدافها الحربية الأولية بعيدة المنال كما كانت دائما. وبصرف النظر عن استكمال غزو أوكرانيا، فقد أصبحت الجهود العسكرية الروسية غارقة في حرب استنزاف مكلفة، حيث لا يمكن لأي طرف تحقيق اختراق حاسم فيها.
من ناحية أخرى، ومع تكبد الجانبين خسائر كبيرة، سواء من حيث الرجال أو المعدات، يبدو أن حرب أوكرانيا ستتحول إلى مجرد صراع آخر من الصراعات "المجمدة" في العالم، خاصة وأن موسكو وزعيم أوكرانيا في زمن الحرب، الرئيس فولوديمير زيلينسكي، لم يبديا أي رغبة في مفاوضات سلام لحل الصراع.
وفي الواقع، ستدخل الحرب بين روسيا وأوكرانيا ذكراها العاشرة عام 2024، منذ أن شنت القوات الروسية هجومها الأول للاستيلاء على شبه جزيرة القرم ومساحات واسعة من شرق أوكرانيا في ربيع عام 2014.
ومنذ ذلك الحين، انخرط الجانبان في حملة دموية لا هوادة فيها للسيطرة على المناطق المتنازع عليها، وهي الحملة التي أدت في النهاية إلى قرار بوتين بإطلاق خطته الطموحة للسيطرة على أوكرانيا بأكملها عام 2022 من خلال ما سماه "العملية العسكرية الخاصة".
ولكن مع اقتراب الحرب من ذكراها السنوية الثانية، لا يبدو أن أيا من الطرفين على استعداد للتوصل إلى تسوية، على الرغم من تعرض الزعيمين لضغوط متنوعة للقيام بذلك.
ويأتي أكبر تهديد يواجهه زيلينسكي في سعيه لمواصلة الصراع حتى تحرير كل شبر من الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا من حلفائه في الغرب، الذين- وعلى الرغم من تزويدهم لكييف بالأسلحة اللازمة لمواصلة جهدها العسكري ضد روسيا- فإنهم يعانون بشكل متزايد من إرهاق الحرب.
وعلاوة على ذلك، أدى اندلاع الصراع في غزة بين إسرائيل و"حماس" في أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى تقويض رغبة القادة الغربيين الرئيسين في الحفاظ على دعمهم لزيلينسكي، إذ أدى هذا الصراع إلى تحويل انتباه العالم بعيدا عن أوكرانيا.