يخوض الفلسطينيون غمار نقاش محتدم وحام، فيما بينهم، على خلفية حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل ضد غزة، ربما لم يسبق أن خاضوا مثله، باستثناء مرحلتين سابقتين، الأولى أتت بتحول الحركة الوطنية الفلسطينية من هدف التحرير نحو هدف إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع (منتصف السبعينات)، وهي التي أسست للاختلاف السياسي والانقسام، في الجسم والرأي العام الفلسطينيين. أما الثانية فتمثلت بعقد اتفاق أوسلو (1993)، الذي نجم عنه تحويل الحركة الوطنية الفلسطينية من حركة تحرر وطني إلى سلطة تحت الاحتلال، وتهميش منظمة التحرير لصالح تلك السلطة، مع اختزال الشعب الفلسطيني، عمليا، بفلسطينيي الكيان الوليد في جغرافيا الضفة والقطاع، باستبعاد مجتمعات اللاجئين (بعد استبعاد فلسطينيي 48)، عمليا ومؤسسيا، من معادلات السياسة الفلسطينية.
بداية، اعتبر البعض، عن خطأ، أن تلك الحرب تجري بين إسرائيل وحركة "حماس"، وهو انطباع متسرع، وغير مطابق للواقع، صحيح أن تلك الحركة شنت هجوما استهدف مستوطنات تقع شمالي غزة (7/10)، لكن ذلك الهجوم انتهى ذلك اليوم، أما فيما بعد فقد بادرت إسرائيل بشن حرب اتسمت بالوحشية المطلقة، التي تحمل سمات التطهير العرقي، لاجتثاث الفلسطينيين من بيوتهم، ومدنهم، توخيا لإخراجهم، أو معظمهم، من غزة إلى خارجها (مصر).