قبل نهاية عام 2023 بأيام، جرى اتصال هاتفي بيني وبين الدكتور توفيق السيف. وبدأ الأستاذ توفيق حديثه بملاحظة على كتاباتي ولقاءاتي التلفزيونية التي أحاول فيها قراءة الشأن العراقي وتحليله. وكان اعتراضه على نبرة التشاؤم التي تسود خطابي ومقالاتي، مؤكدا أن دور النخب والمثقفين والأكاديميين تقديم أفق للمستقبل بدلا من الاستغراق في نقد الحاضر.
من حيث المبدأ، اتفقت معه كثيرا. وحفزني لكتابة هذا المقال الذي أحاول فيه أن أبحث عن بوادر الأمل لإشاعتها، وأبرر تشاؤمي الذي قد أكون مبالغا فيه. وفي لحظة استدراك، تذكرت أن الكتابة عن الأمل والتفاؤل وحتى التشاؤم يجب التعامل معها بحذر، ففي بلدي نعيش محنة الاستقطابات بين أن تكون مداحا ومطبلا للحكومة والطبقة الحاكمة، وأن توصف بأنك معارض ناقد لا ترى غير الظواهر السلبية! لكن على العموم، أحاول التأكيد على أن مهتمي ليست الترويج للحكومات ولا للسياسيين، وإنما تشخيص الأخطاء من أجل تسليط الضوء عليها والبحث عن إمكانية تجاوزها أو تقليل آثارها.
دائما، ما أتمسك بأمل بأن المحنة والأزمات يواجهها العراقيون بتحد وصلابة، لا توجد محنة أكبر من أن تعيش في ظل الدكتاتورية، ولا توجد أزمة أكبر من تحدي الحرب الأهلية، ولا مواجهة الإرهاب وعصابات التطرف والتكفير، ومحاولات تفكيك العراق وتحويله إلى دويلات. كل هذه البلايا والمحن تجاوزناها وانتصرنا عليها، رغم أنها تركت آثارها وبقايا مخالبها في المجتمع والدولة.