شهد العالم عام 2023 كثيراً من الضغوط السياسية جراء الحروب والضغوط الاقتصادية بسبب ارتفاع معدلات التضخم. وأطبقت آثار ذلك كله مباشرة على الاقتصاد المصري. وتخللت العام المنصرم تجاذبات ومشاحنات وخلافات بين شركاء البلاد الدوليين في حين سارعت وكالات التصنيف العالمية إلى خفض التقييمات الائتمانية لاقتصادها ولعدد من مصارفها الحكومية. وطرأت تحولات تبدلت معها أولويات صندوق النقد الدولي على صعيد التفاهمات مع الحكومة المصرية.
لكن ثمة اتجاهاً سياسياً عالمياً يقدّر أهمية دعم مصر في المرحلة المقبلة، لأنها تمتلك كثيراً من مفاتيح الحل في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وتتمتع بوزن نوعي كبير في نزاعات المنطقة، ولا سيما القضية الفلسطينية، التي تمثل مصر فيها حجر الزاوية، نظراً إلى اتصالها المباشر بالصراع العربي الإسرائيلي. وتؤدي الجغرافيا السياسية هنا دوراً قوياً، وتفرض دوراً لمصر على الرغم من عدم رغبة بعض الأطراف في ذلك، ومحاولتهم تهميش دور مصر. يعود التعاون مع مصر في ضوء تفاقم الأوضاع في قطاع غزة ودور القاهرة حالياً في العمل على لجم التصعيد، وتوفير مبادرات وتحركات مصرية تصب في خانة معالجة الأزمة من طريق الحوار من دون أن يكون هناك بالفعل دخول في حرب إقليمية ترغب مصر في ألا تقع.
ويعول المجتمع الدولي وصندوق النقد والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كثيراً على الدور المصري لطرح مبادرات وأفكار ورؤى لوقف التوتر والنزاع في قطاع غزة. من هنا ترى مؤسسات التمويل والأطراف الدوليون ضرورة الضغط على الصندوق لكي يساهم في إخراج مصر من أزمتها الاقتصادية في المرحلة المقبلة، ولذلك قرر الصندوق تقديم قرض جديد يعادل ستة مليارات دولار، بعدما كانت الحكومة المصرية تطالب بثلاثة مليارات فقط، ويُعتبَر هذا التطور تأكيداً لرغبة المجتمع الدولي وصندوق النقد في إتاحة الفرصة أمام مصر بعد أحداث غزة لضبط الأوضاع في الإقليم.