باريس: تبدو مفردات الفنّان ناصر الأسودي خلاصة لتاريخ جمالي أو لتجربة جمالية وجدت في التراث منطلقها إلى عوالم من التساؤلات الروحية غير القلقة. فأعمال هذا الفنّان اليمني الذي يقيم في فرنسا تستلهم الفنون الإسلامية كأعمال السيراميك والنقش على الزجاج والخزفيات والحروف والأشكال الجصّية في العمارة، إضافة إلى استلهام خطوط الرقع والمخطوطات العربية القديمة والنقوش والأشكال الأندلسية والخطوط الفارسية والعثمانية.
حين بدأ الأسودي يرسم في اليمن لم يكن يجد في أسواقه غير لوني الأبيض والأسود لينجز لوحاته في زمن لم تكن كلّيات الفنون الجميلة قد أنشئت في اليمن. وبسبب هذه العلاقة الحميمية باللونين لم يتخلّ عنهما حين وجد كلّ الألوان أمامه في ما بعد، وبالذات بعد سفره إلى فرنسا عام 2005. لقد بدا له انشغاله بهذين اللونين فقط علامة زهد من الأشياء وتعدّدها، بل رأى فيهما خلاصة كلّ شيء وقد بقي يشكّل بهما عوالم وجودية عبر فضاءات يتداخل فيها السواد بالضوء كما في مجسماته المعدنية المنصهرة بالحديد والنار.
يهتم الأسودي بفكرة اللوحة أو المجسّم المنحوت ولهذا يعتقد أن استخدام الألوان بكثافة قد لا يوصل الفكرة التي يظنّها أساس العمل الفني. فعلى الرغم من تشكيله حروفيات وزخارف ونقوشاً بمنحى تجريدي إلا أنه يظلّ مهموما بتقديم فكرة ما، يبدو ذلك من خلال تسميات الأعمال أو في التكوينات الحروفية والشكلية لها، ولهذا يمكن أن يلاحظ المشاهد أو يستنتج بعض هذه التصورات المنحوتة كاسم الله أو مفردتي الحب والسلام في تجليات مخلصة لمنبع الفن الشرقي الذي يتكئ الفنّان على جمالياته.