يرسم الروائي والمترجم الكردي السوري نزار آغري في روايته "جسر النحاس" نموذجا جليا لـ"البطل المهزوم"، بكل ما ينطوي عليه هذا المصطلح النقدي من أبعاد ودلالات، فقد حلم، ذات يوم، بتغيير العالم من خلال إيمانه بشعارات الحرية والعدالة والمساواة، ليستيقظ بعد سنوات على الخيبات والانكسارات.
اكتشف بطل رواية آغري، متأخرا، أن تلك الطموحات والأحلام والتطلعات "المثالية" لم تكن أكثر من مجرد "رومانسية ثورية" طحنتها قسوة الواقع السياسي والاجتماعي في بلاده سوريا، فآثر الرحيل متخففا من الإرث الثقيل لنظريات الماركسية والاشتراكية والأممية، ليجد نفسه غريبا، وحيدا مشوشا، مصابا بداء الحنين في "قلعة الرأسمالية" لندن حيث "الحياة غير ذات معنى، هشة، باهتة، رغم الغنى والصخب والبهرجة"(ص 31).
بطل الرواية الصادرة عن دار "نوفل/هاشيت أنطوان"، بيروت، 2023، هو شاب كردي من القامشلي، لا اسم له في الرواية المكونة من 137 صفحة، وهو الراوي المثقف والعليم الذي يروي حكايته بضمير المتكلم. جاء إلى دمشق لدراسة التاريخ في كلية الآداب، وكان ناشطا سياسيا ضمن صفوف اليسار، مع ما يعني ذلك من حذر وخوف وقلق في أجواء أمنية تحصي أنفاس البشر. في جامعة دمشق تعرف الى الفتاة الدرزية (حسب وصف الرواية) وفاء من السويداء التي تدرس الأدب الفرنسي، وكانت تقرأ، لحظة التعارف، رواية "الغريب" للروائي والفيلسوف الفرنسي ألبر كامو، التي فتحت جسور الألفة بينهما، غير أن ثمة الكثير من العوائق الاجتماعية والدينية التي تعترض طريق هذا الحب الذي بقي حبيسا في أعماق الروح.