يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عامه الجديد بثقة في النصر والاحتفاظ بالحكم، ويأمل في أن يدخل التاريخ إلى جوار يكاترينا الثانية، وبطرس الأكبر، ليس بطول المدة التي حافظ فيها على الحكم فحسب، بل بصورة الحفاظ على تراثهما واستعادة مناطق "نوفوروسيا" التي سالت دماء روسية غزيرة لاستعادتها من الإمبراطورية العثمانية، وصرفت موازنات كبيرة لبناء بناها التحتية ومدنها وتطويرها في حقبتي روسيا القيصرية والاتحاد السوفياتي.
يأتي ذلك فيما قضى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي عاما صعبا، وينتظر عاما ربما يكون أصعب بعدما بات مصيره معلقا بقرار الغرب لإنقاذه عسكريا واقتصاديا.
ونظرا لاستمرار حالة الطوارئ رفض زيلينسكي تنظيم انتخابات رئاسية ربيع 2024 كان يمكن أن تجدد شرعيته وترمم شعبيته التي تراجعت كثيرا عام 2023 مع فشل الهجوم المضاد وسط حديث متزايد عن اتساع الخلافات بينه وبين القائد العام للجيش الجنرال فاليري زالوجني، وحاجة الجيش الأوكراني إلى نحو نصف مليون مقاتل جديد لمواجهة خطط روسيا العسكرية في الجنوب والشرق. ومع ازدياد المؤشرات إلى عجز الغرب عن تأمين الدعم العسكري والسياسي الكافي لإحداث اختراق على الجبهات أو حتى تأمين الصمود في وجه الضربات الروسية، فإن الأوضاع مرشحة إلى مزيد من الشقاقات والخلافات في أوكرانيا مع تراجع إضافي في شعبية زيلينسكي الذي كان رجل العام بلا منازع في 2022 حين قبل التحدي ورفض العروض للفرار خارج أوكرانيا أو الانتقال إلى مدينة لفيف (غرب) وقاد المعركة ضد روسيا، ولكن بدا أن مجمل الظروف لم تسمح لـ"الممثل الجيد" بأن يواصل لعب هذا الدور في 2023 ليتنازل عنه مجبرا، ربما لصالح غريمه فلاديمير بوتين.
إذا فاز الديمقراطيون، فإن مخاطر صدام روسيا مع "الناتو" ستزداد، كما ستزداد احتمالية نشوب حروب إقليمية جديدة
انتخابات مصيرية... في واشنطن
منذ بداية الحرب يكرر المسؤولون الروس مقولة أن الغرب سيحارب روسيا حتى آخر أوكراني، وأن زيلينسكي مجرد دمية بيد العواصم الغربية.
وفي حين بدا أن موسكو ماضية في الحرب "الوجودية" إلى النهاية، حملت الانتخابات في عدد من البلدان الأوروبية مثل سلوفاكيا وهولندا أخبارا سارة لروسيا تمثلت في فوز أحزاب اليمين الشعبوي الرافضة لمواصلة دعم أوكرانيا بلا حدود، وتنتظر موسكو موجة يمينية وقومية في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2024، ولكن الأرجح أن شكل العلاقات مع الغرب لن يتغير جذريا قبل الانتخابات في الولايات المتحدة. وبعد ذلك سيعتمد كل شيء على من سيفوز في تلك الانتخابات: الجمهوريون أم الديمقراطيون.
فإذا فاز الجمهوريون يمكن أن يُجمّد الصراع لفترة طويلة، لأن الإمدادات العسكرية إلى كييف ستتوقف، والجمهوريون قد صوتوا ضد ذلك بالفعل، أو سيتم إبرام نوع من معاهدة سلام.
أما إذا فاز الديمقراطيون، فإن مخاطر الصدام مع "الناتو" ستزداد، كما ستزداد احتمالية نشوب حروب إقليمية جديدة.
وحتى لو تم تجميد الصراع العسكري في أوكرانيا، وهو أمر ليس مضمونا إذا فاز الحزب الديمقراطي، فإن المواجهة بين روسيا والغرب سوف تستمر بعد ذلك. وسيظل التوتر هو السمة المركزية في عالم تأمل موسكو في بنائه على أنقاض انهيار العالم أحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة.
هذا في وقت تزداد فيه المؤشرات إلى تراجع هيمنة الولايات المتحدة حول العالم، ما يفتح الباب على بروز عالم جديد، ولكن من دون تحديد واضح للتوازنات والاصطفافات الجديدة. وذلك على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي ينجذب نحو المزيد من الاندماج مع الولايات المتحدة عبر الأطلسي، في حين تتبع روسيا مسارا مماثلا نحو آسيا وتشكيل جبهة "الجنوب العالمي" في وجه "الغرب المهيمن الاستعماري".
المؤكد أن مصير أوكرانيا كدولة وشعب على المحك من دون المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي الأميركي والأوروبي
وتخشى بلدان الاتحاد الأوروبي، وبخاصة المحاذية لروسيا، من انقلاب المعادلة في الحرب الروسية على أوكرانيا وهزيمة الأخيرة. وعلى عكس التحليلات المتفائلة التي سادت نهاية 2022، تطغى نظرة سوداوية على غالبية التحليلات اليوم. وكثير من التحليلات تتحدث عن مأزق حرج تمرّ به أوكرانيا، بتعثر المساعدات الأميركية والأوروبية لها، ووجود خطط روسية لتوسيع نطاق الحرب واحتلال مساحات أوسع من أراضيها.
والمؤكد أن مصير أوكرانيا كدولة وشعب على المحك من دون المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي الأميركي والأوروبي والغربي عموما، واستدامة هذا الدعم. وبدا أن الأمور تعاكس كييف بدرجة كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية. وبارقة الأمل الوحيدة التي حصلت عليها أوكرانيا من خلال قرار القمة الأوروبية الأخيرة بالبدء في مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي ربما تتحول إلى وعد غير قابل للصرف، إلا إذا استطاعت الصمود في مواجهة روسيا، وتأمين الموارد المالية لاستمرار عمل مؤسسات الدولة، فأكثر التوقعات تفاؤلا تنطلق من إنهاء أوكرانيا مفاوضات الانضمام في عام 2030.
وازدادت أمور أوكرانيا سوءا بعد استخدام المجر حق النقض في القمة الأوروبية الأخيرة في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لمنع تقديم سلة مساعدات من الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا قيمتها 50 مليار يورو، وذلك بعد أيام قليلة من تعطيل الكونغرس الأميركي حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا، مجموعها 61 مليار دولار.
وتنطلق روسيا من أن قطاعات واسعة في الغرب بدأت تتململ من الحرب وهي غير متحمسة لاستمرار تقديم دعم مفتوح لأوكرانيا. وشجع هذا التقدير بوتين إلى إعادة طرح أهداف بلاده غداة إطلاق الحرب، وهي "استئصال النازية- ونزع أسلحة أوكرانيا- والتزامها الحياد". وبدا أن "القيصر" حسم قضية المقاطعات الأربع التي ضمتها روسيا العام الماضي، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، وينطلق من أنها مواضيع غير قابلة للتفاوض بأي حال من الأحوال. وكان لافتا تأكيده على أن أوديسا أرض روسية، سُلمت لأوكرانيا في زمن الاتحاد السوفياتي.
تنفق روسيا على الدفاع الآن أكثر مما أنفقته الولايات المتحدة أثناء حرب العراق
نمو بفضل الحرب
على الرغم من إقرار 12 حزمة عقوبات على روسيا، وفرض أكثر من 18 ألف عقوبة على أفراد ومؤسسات فيها، سجلت مؤشرات الاقتصاد الروسي عام 2023 نتائج أفضل من المتوقع بفضل ارتفاع أسعار الطاقة، وعدم التزام كثير من الدول بالعقوبات، وكذلك إيجاد طرق للالتفاف على العقوبات عبر التصدير والاستيراد من خلال طرف ثالث، وفتح أسواق جديدة. ويضاف إلى ما سبق الاستثمارات الحكومية الضخمة وكذلك المشتريات الحكومية. وفاجأ الاقتصاد الروسي الجميع بأرقامه القياسية، فالناتج المحلي الإجمالي ينمو بشكل أسرع من المتوسط العالمي، والصناعة والأجور تنموان بشكل عام بأرقام مضاعفة، والبطالة عند أدنى مستوى تاريخي.
هذه النتائج الإيجابية، جاءت بفضل الحرب، التي أصبحت عاملا وجوديا ليس فقط بالنسبة للعنصر السياسي في نظام فلاديمير بوتين، بل يجري الآن تشكيل الهيكل الاقتصادي حولها أيضا. وتتمثل أولويات الدولة لعام 2024 في استمرار العمليات العسكرية ضد أوكرانيا، وبالتالي الإنفاق على الجيش وقوات الأمن، ودمج المناطق التي تم ضمها.
وحسب البيانات الحكومية، سيتجاوز الإنفاق على الحرب 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومع الإنفاق على قوات الأمن سيرتفع إلى أكثر من 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتنفق روسيا على الدفاع الآن أكثر مما أنفقته الولايات المتحدة أثناء حرب العراق (3.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). وللمرة الأولى منذ العهد السوفياتي، تجاوز الإنفاق العسكري الإنفاق الاجتماعي الذي تراجع إلى أقل من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتم بالفعل استثمار 1.7 تريليون روبل (18 مليار دولار) في المناطق الأربع (زابوروجيا ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون)، وفي عام 2024 من المتوقع أن تحصل هذه المناطق وحدها على ما يقرب من نصف تريليون روبل أخرى في صورة تحويلات جديدة.
في المستقبل من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الروسي بسبب نقص المعروض من العمال والكوادر
حسب البيانات الرسمية، وبفضل هذه النفقات، سينمو الاقتصاد الروسي بشكل أسرع من الاقتصاد العالمي. ومن المرجح أن يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2023 حاجز 3 في المئة، وهو ما سوف تتباهى به الدعاية الروسية وسيركز عليه الرئيس بوتين في خطاباته الانتخابية، مع إهمال حقيقة أن الحرب تمثل أكثر من ثلث هذا النمو.
وينمو الإنتاج المرتبط بالحرب بمعدلات تزيد على 10 في المئة. وخلفه قليلا توجد الصناعات المدنية التي تنتج أيضا مستلزمات للجبهة، ومن الأحذية إلى الأدوية. وقد غيّرت الحرب هيكل الصناعة الروسية بحيث بدأت القطاعات العسكرية تسود على تلك المدنية.
وإلى جانب زيادة الإنفاق على الدفاع والأمن، تعمل الدولة على خفض الإنفاق على البنية التحتية والاقتصاد الوطني. ولا يستنزف القطاع العسكري الموارد المالية فحسب، بل يستنزف أيضا موارد العمل في القطاع المدني. وعلى الرغم من تباهي الرئيس بوتين بأن معدل البطالة تراجع إلى أدنى مستوى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، فإن الأسباب الحقيقية لتراجع البطالة تعود إلى النقص الكبير في الأيدي العاملة بعد التعبئة وزيادة أعداد المتطوعين للقتال، وهجرة مئات الآلاف من روسيا على دفعتين، في بداية الحرب وفي خريف 2022 هربا من التعبئة الجزئية حينها؛ وفي المستقبل من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الروسي بسبب نقص المعروض من العمال والكوادر.
وإضافة إلى ما سبق، فإن الخطر الأكبر يكمن في عدم قدرة روسيا على الاستفادة من الصناعات العسكرية في القطاع المدني، وتكرار تجربة الاتحاد السوفياتي الذي استطاع تطوير صواريخ فضائية وأخرى عابرة للقارات وأسلحة كثيرة، لكن السوق السوفياتية كانت تفتقر إلى المنتجات المحلية الجيدة من الملابس والأحذية إلى السيارات المتطورة مرورا بالأدوات المنزلية والموبيليا وغيرها.
كلفة يوم واحد من الصراع المسلح يكلف كييف 100 مليون دولار
وزير الدفاع السابق أليكسي ريزينكوف
على عكس الاقتصاد الروسي، فإن الاقتصاد الأوكراني يعاني، وبات يعتمد بشكل كامل على المساعدات الغربية. وزاد الإنفاق الدفاعي، بحسب وزارة الدفاع الأوكرانية، أكثر من ستة أضعاف مقارنة بعام 2021. وأوضح وزير الدفاع السابق، أليكسي ريزينكوف، أن يوما واحدا من الصراع المسلح يكلف كييف 100 مليون دولار، وفي حال صحت هذه التقديرات فإن الحرب كلفت أوكرانيا حتى نهاية 2023 قرابة 68 مليار دولار. واعتُمدت موازنة 2023 بعجز قدره تريليون و296 مليون هريفنيا (35.1 مليار دولار). وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصل عجز خزينة الدولة إلى مستوى قياسي بلغ 54.6 مليار دولار. ووفقا لتوقعات البنك الوطني الأوكراني، ستنهي البلاد عام 2023 بعجز في ميزانية الدولة يبلغ 29 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أدت الحاجة الملحة لسد الثغرات في الموازنة إلى زيادة الدين العام، ففي يناير/كانون الثاني 2023 بلغ 111 مليار دولار، أي 84.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفع إلى 136.35 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي حين استطاعت أوكرانيا الحصول على قرابة 20 مليار دولار من صادرات الحبوب بعد اتفاق الحبوب مع روسيا برعاية تركيا والأمم المتحدة، فإن انسحاب موسكو من هذا الاتفاق تسبب في حرمان أوكرانيا من موارد مهمة، خاصة في ظل المشكلات التي تواجه تصدير الحبوب عن طريق بولندا ورومانيا وقد تسببت في أزمة كبيرة مع وارسو أقرب حلفاء كييف.
تواجه أوكرانيا صعوبات في الزج بمزيد من الجنود، وقدرت حاجتها بما يتراوح بين 450 و500 ألف جندي إضافي
آفاق الحرب
منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي تحولت الحرب في أوكرانيا إلى حرب استنزاف في ظل عجز روسيا عن الحسم، والنتائج المتواضعة للهجوم المضاد الأوكراني الذي بدأ في 4 يونيو/حزيران الماضي بسبب صلابة الدفاعات الروسية، وهو ما سيغير من تكتيكات الطرفين. وعمليا انتقلت أوكرانيا من الهجوم إلى "الدفاع الاستراتيجي" في مناطق عدة من الجبهة التي يتجاوز طولها ألف كيلومتر. وسيواصل الطرفان التركيز على ضرب عمق الخصم، وقد ألحقت روسيا في الشهرين الأخيرين ضررا كبيرا ببنية الطاقة في أوكرانيا من خلال ضرباتها المركزة على المنشآت الطاقوية بالصواريخ والمسيرات، في سيناريو مكرر لضربات خريف 2023. ومن جهتها تواصل أوكرانيا ضرب العمق الروسي بالمسيرات ومهاجمة الأهداف البحرية في غرب شبه جزيرة القرم، والتركيز على ضرب البنى العسكرية في شبه الجزيرة تلك والتي ضمتها روسيا في ربيع 2014.
وتعتمد نتيجة الحرب في الأشهر المقبلة، وكذلك في المدى المتوسط، على ثلاثة عوامل أساسية وهي:
أولا: قدرة الطرفين على توفير الموارد البشرية أي الجنود، ويبدو حتى الآن أن الغلبة هنا لروسيا، مع إعلانها أن عدد المتطوعين بلع نصف مليون في 2023، ومع احتياطي أكبر نظرا لتفوقها على أوكرانيا في عدد السكان بنحو ثلاثة أضعاف. وفي المقابل فإن أوكرانيا تواجه صعوبات في الزج بمزيد من الجنود، وقدرت وزارة الدفاع الحاجة بما يتراوح بين 450 و500 ألف جندي إضافي. وحتى في حال تمكنت كييف من جمع هذا العدد فإنها لن تستطيع شن هجمات لأنه وبحسب تقديرات العسكريين هناك حاجة لثلاثة مقاتلين في الهجوم مقابل كل مدافع.
تعتمد أوكرانيا على الأسلحة والمعلومات الغربية لضرب الجيش الروسي، ولكن كل ذلك ربما لن يكون كافيا
ثانيا: تأمين الموارد المالية لاستمرار آلة الحرب، وترجح الكفة هنا أيضا لروسيا التي لا يزال اقتصادها قويا على الرغم من تراجع واردت النفط والغاز، وسعي الغرب إلى إغلاق الثغرات في العقوبات السابقة. وفي المقابل تعجز أوكرانيا عن تأمين احتياجات البلاد في ظل دمار البنية التحتية وانهيار الاقتصاد. وحسب تقديرات معهد استكهولم، فقد ارتفع الإنفاق العسكري الروسي عام 2022 بنسبة 9.2 في المئة إلى 86.9 مليار دولار، وفي النصف الأول من عام 2023، زاد على 72.2 مليار دولار، متجاوزا الخطة للعام كله.
وفي المقابل، كانت موازنة أوكرانيا الدفاعية في الفترة ذاتها تبلغ 27.9 مليار يورو، لكن وفقا لمكتب الإحصاء الألماني، ففي الفترة بين 24 يناير/كانون الثاني 2022 و13 يوليو/تموز 2023، حولت الولايات المتحدة وحدها 69.5 مليار يورو إلى أوكرانيا، بما في ذلك المساعدة العسكرية البحتة وقدرها 42.1 مليار يورو، ومن جهتها حولت مؤسسات الاتحاد الأوروبي (باستثناء الدول الفردية) إلى كييف 76.96 مليار يورو. ويجب أن تضاف إلى هذه المبالغ المساعدات الثنائية، التي بلغت من جانب ألمانيا وحدها 22 مليار يورو.
ثالثا: تأمين الأسلحة اللازمة والذخائر لمواصلة الحرب؛ ففيما زادت روسيا الإنتاج العسكري بما في ذلك المسيرات، ووثقت علاقاتها مع إيران وكوريا الشمالية وأمنت كمية القذائف المطلوبة، تلقت أوكرانيا وعودا بالحصول على طائرات "إف-16" بداية عام 2024، ومن غير المستبعد حصولها على صواريخ بعيدة المدى. وتواصل المصانع في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية زيادة إنتاج الذخائر والقذائف المطلوبة في الحرب، ولكن هذا الإنتاج غير كاف بالمطلق لاستمرار الدفاع، وبالتأكيد لا يؤمّن تنفيذ هجمات جديدة.
وتعتمد أوكرانيا على الأسلحة الغربية الحديثة والمعلومات الاستخباراتية لتوجيه ضربات ضد الجيش الروسي، ولكن كل ذلك لن يكون كافيا ربما. ويمكن للغرب دعم أوكرانيا بجنود من "الناتو" من أجل منع انهيارها، ولكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر نظرا إلى أنه يعني صراعا مباشرا بين روسيا و"حلف شمال الأطلسي". ولكنه قد يكون خيارا اضطراريا إذا انهار الجيش الأوكراني، لأن المواجهة حينها لن تكون على أراضي أوكرانيا بل على الحدود مع التشيك ورومانيا وبولندا ودول البلطيق، وذلك بحسب جهات غربية ترى في سيطرة روسيا على أوكرانيا كارثة حقيقية.