على العكس من معظم التوقعات الغربية، تدخل روسيا عام 2024 بأوضاع أفضل بكثير على الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية. وبدا أن المجتمع الروسي انتقل من مرحلة الانتظار لنتائج الحرب في أوكرانيا إلى التعود على الوضع الجديد والتأقلم معه، بعدما أفلح الكرملين في ضمان استمرار الحرب من دون تأثيرات كبيرة على المواطنين، والابتعاد عن أي قرارات قد تثير النقمة الشعبية مثل إعلان تعبئة جديدة.
ومع تسخير كل الطاقات للجبهة والنصر، لم تتأثر الأوضاع الاقتصادية والمالية لشريحة واسعة، بل على العكس ساهم وضع الاقتصاد على "سكة الحرب" في تحسين اقتصاد كثير من المقاطعات والأقاليم الروسية مع دوران آلات المصانع على مدار الساعة لتأمين احتياجات الآلة العسكرية من الأسلحة والقذائف والاحتياجات اليومية للجنود.
وقبل قرابة ثلاثة أشهر على انتخابات رئاسية مضمونة لصالحه، وفي مؤشر إلى ثقته المطلقة بقدرات بلاده، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثناء مؤتمره الصحافي السنوي يوم 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على أن القتال لن يتوقف في أوكرانيا حتى تصبح الأخيرة "منزوعة السلاح ومحررة من النازية، ومحايدة"، وفي رسالة تحدّ واضحة لكييف وداعميها الغربيين قال بوتين: "إما أن نتوصل إلى اتفاق وإما أن نحلّ هذه الأزمة بالقوة".
وبعيدا عن الأوضاع المريحة لموسكو في الجبهة مع أوكرانيا، بدا أن مخاطر حدوث انشقاقات في الجبهة الداخلية باتت شبه معدومة بعد إنهاء تمرد قائد ومؤسس مجموعة " فاغنر" يفغيني بريغوجين الذي قُتل لاحقا مع عدد من كبار مساعديه في أغسطس/آب الماضي. والواضح أن نظام الرئيس بوتين خرج دون خسائر كبيرة من امتحان التمرد الصعب، واستغل الموقف لإعادة الاعتبار لوزارة الدفاع كمؤسسة وحيدة تعنى بمهمة القتال على الأرض لتنفيذ أهداف القيادتين السياسية والعسكرية. كما لم تتأثر المعارك في أوكرانيا بالتمرد وانسحاب قوات "فاغنر" التي كان لها دور أساسي في معارك السيطرة على سوليدار وباخموت، وأوكلت إليها مهمات خارجية مهمة للسياسة الروسية في سوريا وليبيا والبلدان الأفريقية.