أسدل فشل الجولة الأخيرة من المحادثات بشأن سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق الستار على سلسلة من المفاوضات العقيمة امتدت اثني عشر عاما وطالت البنية الكهرومائية العملاقة.
خلال هذه الأعوام الاثني عشر، اتبعت مصر كل الوسائل السلمية الممكنة تقريبا لجعل أديس أبابا تأخذ بالحسبان الاحتياجات المائية لسكان مصر الذين يزدادون عددا، بينما تخدم تنميتها الاقتصادية.
في مارس/آذار 2015، وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الخرطوم على إعلان المبادئ بهدف ضمان اعتراف إثيوبيا بالاحتياجات المائية لدولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ومنع إلحاق ضرر كبير بهما أثناء استغلال النيل الأزرق، وهو المصدر الرئيس للمياه العذبة في مصر.
في يونيو/حزيران 2021، رفعت مصر قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير إلى مجلس الأمن الدولي، في سعيها للحصول على دعم دولي للضغط على إثيوبيا لوقف إجراءاتها الأحادية في بناء وملء السد.
ولكن، على الرغم من هذه الجهود، لم تتلق القاهرة أي إشارة من أديس أبابا إلى استعدادها لتفادي أزمات العطش والجوع والخراب الاقتصادي التي ستصيب نحو 110 ملايين شخص في مصر وحوالي 46 مليون شخص في السودان. وتلوح هذه الأزمة في الأفق بسبب احتمال حرمان البلدين من عصب أساسي للحياة: المياه، حيث تركز إثيوبيا على توليد الكهرباء لسكانها.
ويقول مراقبون في القاهرة إن فشل الجولة الأخيرة من المحادثات بشأن السد يوجه ضربة قاضية لمفهوم التفاوض كآلية لحل النزاعات.
لكن ما يحمله المستقبل وكيف ستتعامل مصر مع قضية تهدد وجودها ذاته كمكان صالح للحياة هو سؤال تفتح إجابته الباب واسعا أمام كل الاحتمالات.
سدود النيل
يُسبب بناء السدود على نهر النيل خوفا عميقا وينذر المصريين الذين ظلت حياتهم تدور حول النهر منذ آلاف السنين بكارثة مقيمة، حيث إن حصة مصر السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النهر لا تكاد تسدّ احتياجات البلد الذي يشهد تزايدا مضطردا في عدد السكان. والواقع أن مصر تحتاج فعليا إلى أكثر من 114 مليار متر مكعب سنويا لتلبية حاجة شعبها.