شهدت الجزائر في الأشهر الأخيرة حركة حقوقية لافتة، إذ عرفت زيارات متتالية لوفود حقوقية دولية، وهو ما أثار تساؤلات مختلفة عن السبب والغاية. وبحسب الرزنامة فقد شهدت البلاد منذ الخامس من مايو/أيار الماضي زيارات متعاقبة لمقررين أمميين مكلفين بتقصي الحقائق والأوضاع في الميدان.
آخر الزيارات قامت بها ماري لولور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان، واستغرقت زيارتها 10 أيام كاملة، التقت خلالها أعضاء من الجهاز التنفيذي وممثلين عن المجتمع المدني. وخلال هذه المدة زارت المقررة الحقوقية عدة مدن جزائرية.
واختتمت المقررة زيارتها بالقول إنها "سترفع تقريرا مفصلا حول زياراتها إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي في مارس/آذار 2025"، واعتبرت أن "الحكومة الجزائرية تؤكد بوضوح أنها على استعداد للالتزام كما ينبغي بالقضايا المتعلقة بالمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث كان بإمكانها عدم الاستجابة لطلبي كما فعلت دول أخرى".
وكتأكيد منها على انفتاح السلطات في الجزائر على الرقابة التي يفرضها مجلس حقوق الإنسان الأممي، ذكرت المقررة الأممية: "عدد الاجتماعات رفيعة المستوى التي خصصت لي تثبت التزام الحكومة الجزائرية بالتعامل بجدية مع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة والعمل من أجل حماية أفضل للمدافعين عن حقوق الإنسان"، وحسب التفاصيل التي أوردتها ماري لولور أيضا فإن "معظم الاجتماعات جرت في جو من الاحترام المتبادل والالتزام البناء".
وتعتبر زيارة لولور هي الزيارة الثانية من نوعها لمسؤول أممي في فترة لا تتجاوز 3 أشهر؛ ففي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أجرى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، كليمان نيالتسوسي فول، زيارة إلى الجزائر، واجتمع خلال الفترة الممتدة بين 16 إلى 26 سبتمبر/أيلول 2023، مع مسؤولين حكوميين وأعضاء في البرلمان والسلطة القضائية وهيئات الرصد وأعضاء فريق الأمم المتحدة المعتمد، كما أنه التقى عددا من النشطاء والأطراف الفاعلة في المجتمع المدني وصحافيين ومحامين ونقابات وأحزابا سياسية.
ملامح استراتيجية جديدة
الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور نور الصباح عكنوش يقول في حديثه لـ"المجلة" إن "الجزائر انتهجت سياسة جديدة تقوم على التعامل بصيغة إيجابية مع جميع الفعاليات الدولية التي لها علاقة بحقوق الإنسان، وهذا في إطار التجاوب والتفاعل شريطة احترام السيادة الوطنية والقانون الجزائري". واعتبر أن "استقبال الجزائر لمقررين أمميين يفسح المجال أمام الهيئات الحقوقية الدولية للاطلاع على الوضع الفعلي للحريات وحقوق الإنسان في البلاد بعيدا عن أية ضغوطات أو إملاءات خارجية".