اثنان من عمالقة التلفزيون يسيطران على الدوري الإنكليزي بـ8 مليارات دولار

انفاق بسخاء كبير للفوز بحقوق بث أقوى دوري في العالم

آليكس رانغيل غارسيا
آليكس رانغيل غارسيا

اثنان من عمالقة التلفزيون يسيطران على الدوري الإنكليزي بـ8 مليارات دولار

قلة من المشاهدين الذين يعلمون تفاصيل مصادر دخل الأندية الرياضية؛ في بريطانيا شركات التلفزيون المدفوع العملاقة هي الممول الأكبر للأندية من خلال عقودها مع اتحادات كرة القدم التي حسمت الأسبوع الماضي عقود الأربع سنوات المقبلة في معركة مزايدة مالية كبيرة بين محطات التلفزيون ومنصات البث الستريمنغ البريطانية وكذلك الأميركية على حقوق البث الحصرية داخل بريطانيا، ولم يعلن بعد عن حقوق البث الدولي، بما فيها منطقة الشرق الأوسط.

وتتقاتل شركات البث التلفزيونية ومنصات "الستريمنغ" على الحقوق، لأن الرياضة تجلب سريعا أكبر عدد من المشاهدين المشتركين، ومعها الإعلانات التجارية العالية القيمة. ويقول المسؤولون عن تنظيم العلاقة وتوزيع العقود، إنه تتم ترسيتها بتوزيعها على مجموعة من المحطات والمنصات، حتى تسمح باستمرار التنافس وتقديم التغطيات الأفضل، وتعزيز سوق المشاهدة.

ويقول المسؤولون عن تنظيم العلاقة وتوزيع العقود، إنه تتم ترسيتها بتوزيعها على مجموعة من المحطات والمنصات، حتى تسمح باستمرار التنافس وتقديم التغطيات الأفضل، وتعزيز سوق المشاهدة.

سوق الصفقات الأوروبية

أكبرها صفقات بث الدوري الإنكليزي الممتاز (البريميرليغ) تلفزيونيا 6.7 مليار جنيه إسترليني سنويا (نحو 8 مليارات دولار)، ستضخ التمويل المالي الذي تحتاجه أندية كرة القدم الاحترافية حتى عام 2029 على الأقل. وهذا المبلغ فقط من بيع الحقوق التلفزيونية داخل بريطانيا، ولم يعلن بعد عن الكاسبين من شركات التلفزيون الدولية مثل "بي إن سبورت" القطرية التي كانت تحتكره في المنطقة العربية في الموسم الماضي.

كان أداء تلفزيونات إيطاليا جيدا أيضا؛ فقد أعلن الدوري الإيطالي في أكتوبر/تشرين الأول عن صفقة بقيمة 4.5 مليار يورو (نحو 5 مليارات دولار) على مدى خمس سنوات، وهو أقل بكثير من الدوري الإنكليزي الممتاز. ما حدث في فرنسا درس للبقية، فقد نفذ مزاد الحقوق بشكل سيئ للغاية لدرجة أنه تم إلغاؤه.

الأسبوع الماضي أكد الدوري الإنكليزي الممتاز تفوقه عندما أعلن توزيعات عقود البث التلفزيوني. قناة "سكاي سبورتس" الرياضية، هي التي كسبت المنافسة وستبث معظم المباريات وليس جميعها، وحصلت على عدد قياسي منها لأربع سنوات تبدأ من موسم 2025-2026.

لأول مرة على الإطلاق، ستبث "سكاي" جميع المباريات العشر الحاسمة في اليوم الأخير من كل موسم. كما سيقدمون كثيرا من المباريات المباشرة في عدد من عطلات نهاية الأسبوع الساعة الثانية مساء يوم الأحد.

وقد حصلت "سكاي" على حزمة الحقوق المباشرة على مستويات مختلفة في الموسم الواحد. وستشمل التغطية أكثر من 140 مباراة في عطلة نهاية الأسبوع، ومباريات مساء الجمعة والاثنين، وتغطية كاملة لثلاث جولات مباريات في منتصف الأسبوع.

وستبث جميع المباريات التي تلعب خارج يوم السبت التقليدي الساعة 3 مساء، حتى تلك التي تحولت إلى يوم الأحد الساعة الثانية مساء بسبب المسابقات الأوروبية، على الهواء مباشرة.

انتزعت محطة "تي إن تي" (TNT Sports)، المعروفة سابقا باسم شركة الهاتف "BT Sport"، حزمة الحقوق المباشرة (A)، وتقدم تغطية حصرية لـ52 مباراة في الموسم الواحد. وهذا يشمل المباريات التي تلعب يوم السبت مساء والتغطية الكاملة لجولتين من المباريات في منتصف الأسبوع.

وحصلت "بي بي سي سبورت" (الممولة من دافعي الضرائب وهي أم المحطات التلفزيونية البريطانية وأعرقها) على حقوق اللقطات البارزة لجميع المباريات الـ380 كل موسم. يتضمن ذلك حقوقا رقمية إضافية لمنصة التلفزيون البريطانية العملاقة عبر الإنترنت، مما يضمن استمرار برنامج "مباراة اليوم" الشهير.

كان برنامج "مباراة اليوم" مؤسسة لأجيال من مشجعي كرة القدم الذين تعلموا منه، ولا يزال يحظى بشعبية عند المشجعين من جميع الأعمار.

خسرت منصة "أمازون برايم فيديو" الأميركية، التي تبث حاليا20  مباراة في الموسم كجزء من الاتفاق الحالي للدوري المقبل.

وقد أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن الاتفاقات المعلنة، التي تبلغ قيمتها مجتمعة 6.7 مليار جنيه إسترليني، ستضخ التمويل المالي لأندية كرة القدم الاحترافية حتى عام2029  على الأقل.

ريتشارد ماسترز، الرئيس التنفيذي للدوري الإنكليزي الممتاز، يقول: "يسعدنا أن نعلن عن صفقات جديدة مع تلفزيون (سكاي سبورتس)، وتلفزيون (تي إن تي سبورتس) التي ستمدد شراكتنا لمدة أربع سنوات أخرى، وستشمل هذه المرة مباريات أكثر من الدوري الإنكليزي الممتاز من أي وقت مضى بحيث تبث مباشرة بدءا من موسم 2025-2026 فصاعدا. الجدير بالذكر أن الاتحاد البريطاني لا يبث كل مبارياته مباشرة على الهواء بل يمنع بعضها من أجل ضمان امتلاء الملاعب. لهذا فإن المشتركين في المنصات خارج بريطانيا، مثل المنطقة العربية، يشاهدونها كلها مباشرة أكثر من مشاهدي بريطانيا التي يتم تأخير بث بعضها إلى ما بعد انتهاء المباريات. وسيتم بث معظم مباريات الموسم المقبل بعد أن وافق الاتحاد الإنجليزي على مطالب شركات البث التلفزيونية".

وقال الاتحاد الإنكليزي: "لقد استمتعنا بجماهير وحضور قياسيين في المواسم الأخيرة، ونعلم أن إبداعهم المستمر سيدفع المزيد من الناس إلى مشاهدة الدوري الإنكليزي الممتاز ومتابعته تلفزيونيا".

"يسعدنا للغاية أيضا تمديد شراكتنا مع (بي بي سي سبورت)، والتي ستستمر في تقديم أبرز الأحداث الأسبوعية لجميع مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز (فقط اللقطات المهمة) إلى أوسع جمهور ممكن في المملكة المتحدة".

AFP

لقد كان برنامج " ماتش أوف ذا داي" (مباراة اليوم) مؤسسة لأجيال من مشجعي كرة القدم الذين تعلموا منه، ولا يزال يحظى بشعبية عند المشجعين من جميع الأعمار.

"تؤكد نتيجة هذا الاتفاق على قوة الدوري الإنكليزي الممتاز وهي شهادة لأنديتنا ولاعبينا ومديرينا وشركات التلفزيون القديرة، جميعا يواصلون تقديم كرة القدم الأكثر قدرة على المنافسة في أنحاء العالم في الملاعب الكاملة، وللمشجعين، الذين يخلقون جوا لا مثيل له كل أسبوع."

ما الذي تغير في هذه الصفقة؟

عدد غير قليل من الأشياء في الواقع، ربما من الأفضل تلخيصها على النحو التالي: زاد الدخل المالي، وزاد عدد بث المباريات المباشرة، ولكن نقص عدد محطات البث واحدة. هذه الصفقة تعني أنه لن يتم بث المباريات مباشرة إلا على "Sky Sports"، و"TNT Sports"، وإخراج منصة "برايم فيديو".

الجدير بالذكر أن جميع الألعاب خارج ما يسمى نافذة التعتيم "المغلقة" يوم السبت الساعة 3 مساء سيتم بثها الآن مباشرة. على سبيل المثال، إذا لعب فريق في مباراة أوروبية يوم الخميس وتم نقل مباراته إلى يوم الأحد في الساعة 2 مساء، فسيتم الآن عرض ذلك مباشرة (فوز ليفربول 4-3 على فولهام يوم الأحد هو مثال من هذا الموسم حيث لم يكن الأمر سابقا كذلك). ويعترف المنظمون أنه حان الوقت لإنهاء وقف البث يوم السبت الساعة 3 ظهرا.

قد يكون الدوري الإنجليزي الممتاز الأغنى من حيث المبالغ المدفوعة، لكنه لا يقارن مقابل حقوق اتحاد كرة القدم في الولايات المتحدة الأميركية.

هل هذه صفقة جيدة للدوري الإنكليزي الممتاز وأنديته؟

الدوري الإنكليزي هو الأكثر مالا وشعبية في العالم، لكن تخيفه المنافسة الأوروبية، وحتى الأخرى، مثل الدوري السعودي الذي فاجأ الجميع بالانفتاح على لاعبين ومدربين دوليين، وارتفاع مستواه بشكل كبير، لكن الدوري السعودي لا يزال يعاني من نقص التمويل من خارج المؤسسات الحكومية، وضعف العقود التلفزيونية، وقلة إقبال الجمهور على الملاعب ورداءة النقل التلفزيوني وتكرر انقطاعاته.

يجب النظر إلى الدوري الإنكليزي على أنه المنافس الأول في العالم، في سياق الصفقات المحلية التي يحصل عليها كل دوري آخر. والزيادة المالية للدوري الإنجليزي الممتاز ليست كبيرة، إلا أنها أكثر من غيرها من الرياضات والبطولات الأخرى.

الجزء المهم الآخر في السياق هو أن الدوري الإنكليزي الممتاز تمتع بنمو كبير في حقوقه الدولية، ولا يزال من الممكن أن يستمر ذلك. هذه الصفقة التي أعلنت الأسبوع الماضي هي لحقوق البث المحلية فقط، مع التفاوض على الحقوق الخارجية بشكل منفصل، وليس معروفا ان كانت ستباع الحقوق في المنطقة العربية لشبكة "بي إن سبورت" القطرية، أو من يخلفها، أو ربما تستعيد الدول العربية حقوقها فرديا لصالح شركات البث المحلية بعد أن احتكرتها "بي إن" القطرية، وقبلها "إيه آر تي" السعودية.

قد يكون الدوري الإنكليزي الممتاز الأغنى من حيث المبالغ المدفوعة، لكنه لا يقارن مقابل حقوق اتحاد كرة القدم في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تصل الصفقات إلى أرقام خرافية، في هذا العام أكثر من 100 مليار دولار على مدى11 عاما.

في صفقة بريطانيا هناك فائز واحد كبير: محطة "سكاي سبورتس" العملاقة. ستحصل على الكثير من المباريات ولكنها لن تدفع مالا أكثر، نحو 100 مباراة إضافية في الموسم، مما يعني أن عدد المباريات المعروضة حصريا على "سكاي" سيزداد بنسبة 70 في المائة.

العيون أيضا على "تي إن تي سبورتس" الأميركية، هذا أول مزاد داخل بريطانيا منذ دخولها السوق بعد استحواذها على منصة "بي تي سبورت" (التابع لشركة الاتصالات العملاقة بي تي). تساءل البعض عما إذا كان استثمارها الضخم في حقوق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (دوري أبطال أوروبا ودوري أوروبا ودوري المؤتمرات)، والمحتوى الأرخص الذي احتفظت به (الدوري-1، الدوري الأميركي للمحترفين، نادي الرجبي الإنجليزي)، هل سيكون كافيا لجمهورها؟ لقد حسمت المؤسسة الإعلامية الأميركية أنها لكي تكون ذات قيمة في بريطانيا، فإنها ستحتاج إلى بعض من الدوري الإنكليزي الممتاز أيضا.

عدم حصول المنصة الأميركية العملاقة "أمازون برايم" (Amazon Prime Video) على أي شيء ليس مفاجأة. في الواقع، هي لم تقدم عرضا هذه المرة. تجدر الإشارة إلى أن "أمازون" ستعرض مباريات دوري أبطال أوروبا من الموسم المقبل.

في الواقع، كانت "أمازون" محظوظة جدا عندما انضمت إلى مشهد حقوق الرياضة. أعطاها الدوري الإنكليزي الممتاز 20  مباراة بسعر مناسب سهّل عليها بيع اشتراكات "برايم" في ديسمبر/كانون الأول من كل عام. وقررت تكرار التجربة لمدة ثلاث سنوات أخرى خلال وباء "كوفيد-19".

من المحتمل أن تكون "أمازون" قد اقتنعت أنها أغرت وحصدت جميع مشتركي "برايم" الذين تحتاجهم بقليل من مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز بما يكفي للتنافس مع "سكاي"، و"تي إن تي".

هناك منصات اخرى مثل: "دازن" (DAZN)، لكن الانطباع العام أن هذه المنصة لا تستطيع تحمل ثمن حقوق البث الحي في الدوري الإنكليزي الممتاز. أيضا، انسحبت "Viaplay" ولم يتمكن أحد من إقناع منصة "نتفليكس" بدخول عالم النقل المباشر للرياضة حتى الآن.

شركات التلفزيون ومنصات البث أصبحت تدرك أن الحقوق الرياضية هي أفضل وأسهل وسيلة لجلب ملايين المشاهدين وبشكل فوري.

ماذا عن منصة "آبل" (Apple)؟

دخلت فعلا في محادثات مع اتحاد كرة القدم الأميركي حول حزمة البث يوم الأحد في الدوري، لكنها انسحبت بعد أن وجدتها باهظة الثمن. لكنها حصلت على صفقة بث عالمية مع دوري كرة القدم الرئيس(MLS)  في الولايات المتحدة.

شركات التلفزيون ومنصات البث أصبحت تدرك أن الحقوق الرياضية هي أفضل وأسهل وسيلة لجلب ملايين المشاهدين وبشكل فوري، حيث إن المسلسلات والأفلام تتطلب وقتا طويلا وبطيئا للحصول على ثقة الجمهور والتنافس مع المنصات الأخرى.

font change

مقالات ذات صلة