مع اجتياز الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عتبة الثمانين يوما، يزداد الحديث عن "انعطافة" فيها وهو ما اصطلح على تسميته بـ"المرحلة الثالثة"، الأمر الذي يطرح أسئلة كثيرة ليس بشأن مآلات الحرب في غزة وحسب، بل أيضا في جنوب لبنان، حيث يعد القصف المتبادل بين إسرائيل و"حزب الله" أكثر من مواجهات محدودة وأقل من حرب.
في غزة من الواضح أن إسرائيل وإن كانت لا تستطيع إقناع جمهورها بأنها حققت كل أهدافها من الحرب- ولعل أبرزها الهدف عالي السقف الذي وضعته في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو القضاء على "حماس"– فإن بإمكانها القول إنها حققت "نجاحات" في قطاع غزة ولاسيما في شماله، إذ تتحدث الصحافة الإسرائيلية أنه بات في الإمكان العبور من "غلاف غزة" إلى مدينة غزة بسيارة غير مصفحة، وذلك للدلالة على انحسار قوة "حماس" في شمال القطاع. لكن ذلك لا يعني أن إسرائيل دمرت كل قدرات "حماس" هناك، إنما الكلام في تل أبيب أن الجيش الإسرائيلي بات قريبا جدا من إعلان هزيمة "حماس" في الشمال، وأن لواءَي "حماس" اللذين كانا يعملان في تلك المنطقة، بكل كتائبهما، توقفا عن العمل كـ"أطر قتالية".
بغض النظر عن مدى صحة هذه الرواية الإسرائيلية، وهو ما ستظهره الوقائع الميدانية شمالي غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، بيد أنّ الأكيد أن حرب غزة على وشك الدخول في مرحلة جديدة، سيتخللها تراجع في كثافة القصف الإسرائيلي واتجاه تل أبيب إلى تنفيذ "عمليات موجهة" ضدّ "حماس"، وسط حديث عن إنشاء منطقة عازلة في شمال القطاع وربما في أماكن أخرى، فضلا عن تنفيذ الجيش الإسرائيلي انسحابات من تلك المنطقة.