السعودية تعزز حضورها في أسواق الغازhttps://www.majalla.com/node/306926/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D8%B2-%D8%AD%D8%B6%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2
في السنوات الأخيرة، تزايدت اكتشافات الغاز الجديدة في المملكة العربية السعودية بشكل مطرد، فارتفعت على إثرها احتياطيات المملكة من الغاز. هذه الاكتشافات هي نتيجة تواصل الجهود لزيادة إنتاج الغاز في المملكة وسط زيادة الطلب المحلي وتعزيز دور الغاز والطاقة المتجددة في مزيج الطاقة السعودي الكلي في توليد الكهرباء.
يعود اهتمام المملكة باستكشاف حقول الغاز الطبيعي بعدما رسمت رؤية السعودية 2030 توجها مستقبليا واعدا لاقتصاد ما بعد النفط، والعمل على خفض الاعتماد عليه كمصدر أساس للدخل، والحد من حرق النفط والوقود السائل التقليدي لتوليد الكهرباء، وتعزيز كفاءة الطاقة.
تخطط السعودية لأن تكون رائدة كمورد رئيس للهيدروجين النظيف على مستوى العالم بناء على احتياطياتها الكبيرة من الغاز، مما يساعدها في إنتاج الهيدروجين الأزرق، وهو الغاز الذي يُنظر إليه على أنه مفتاح تحول الطاقة كونه لا يطلق أي انبعاثات كربونية.
السعودية أكبر مستهلك للغاز في المنطقة
قد لا يدخل إنتاج الغاز السعودي حالياً إلى سوق التصدير الإقليمي والعالمي نظراً الى الطلب المحلي الكبير عليه، مما يجعل السعودي أكبر مستهلك للغاز في الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء وفي صناعة البتروكيماويات التي تنمو باستمرار، تاليا تحتاج السعودية إلى هذه الكميات الكبيرة لتلبية احتياجاتها.
تخطط السعودية لأن تكون رائدة كمورد رئيس للهيدروجين النظيف على مستوى العالم بناء على احتياطياتها الكبيرة من الغاز
تترافق الزيادة في إنتاج الغاز مع العمل على استمرار التوسع في البنى التحتية الضخمة لاستهلاك الغاز محليا، من ضمن ذلك إضافة أربعة آلاف كيلومتر من خطوط أنابيب الغاز المستخدمة في "شبكة الغاز الرئيسية" لتوزيع الغاز.
الرئيسة التنفيذية لشركة "Meyer Resources Londo" كورنيليا ماير: أرى أن هذا أفضل الأوقات لدخول #أرامكو#السعودية سوق الغاز الطبيعي المسال، نظراً لقطع #روسيا الإمدادات عن أوروبا
تواكب شبكة خطوط الغاز الضخمة هذه أيضا التحركات الكبيرة التي رأيناها على أرض الواقع بالتنوع الاقتصادي وتنفيذ الخطط السعودية بتحويل إنتاج الكهرباء من النفط والوقود السائل الى الغاز وزيادة استخدامه في مزيج الطاقة السعودي.
تجدر الاشارة إلى ان تكلفة التعادل للإنتاج هي متوسط سعر الغاز الذي يحتاجه المنتج ليكون استثماره مجدياً، علما أن تكلفة إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة ليست واضحة بنقطة تعادل محددة كما هي أيضا تكلفة إنتاج النفط الصخري التي تتغير باستمرار ولم يتضح لها نطاق سعري مُحدَّد، وهو أمر ضروري لجذب الاستثمارات ومعرفة العائد على الاستثمار.
أفادت دراسة سابقة لـ"جدوى" أن تكلفة تطوير الغاز الصخري في الولايات المتحدة، التي هي المنتج الوحيد على نطاق واسع للغاز الصخري على مستوى العالم، تتراوح ما من 2,3 إلى 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu)، في حين توقعت "جدوى" أن تكون تكلفة تطوير الغاز الصخري في المملكة ضمن الحد الأعلى من تكلفة الغاز الصخري في الولايات المتحدة، عند 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu). ولا تزال معرفة تكلفة التعادل لإنتاج الغاز غير معلنة وتعتمد على دراسات وحسابات غير دقيقة، ولكن يتوقع أن يكون انتاج الغاز الصخري من المملكة مختلفا لجهة نموذج التكلفة عن الولايات المتحدة.
صحيح أن معرفة تكلفة انتاج الغاز الصخري من حقل الجافورة ومستويات الأسعار العالمية سيكون لها دور في جذب الاستثمارات لتطوير الحقل، ولكن هناك العديد من العوامل ستمنح حقل الجافورة ميزات تنافسية، منها البنية التحتية القائمة والخدمات اللوجستية ومرافق النقل والتخزين والتصدير، وموقع حقل الجافورة الملاصق لحقل الغوار العملاق، أكبر حقل نفط تقليدي في العالم، مما يعني أن لديه بيانات جيولوجية من شأنها أن تخفض تكلفة جمع البيانات.كذلك، يمكن لحقل الجافورة الاستفادة من البنية التحتية المتاحة لإمدادات المياه من مرافق حقن مياه الآبار واستخدام نظام الغاز الرئيسي لشبكة توزيع الغاز المحلية (MGS) في المملكة العربية السعودية مباشرة عند بدء الانتاج. كما سيتم خفض تكلفة التشغيل بشكل كبير عند استخدام شركات سعودية محلية.
ستلعب المملكة دورا أساسيا في استقرار سوق الغاز العالمية غير المنظمة، بمجرد أن تباشر تصدير الغاز. كما أن شُحّ امدادات الغاز سيكون له تأثير سلبي على اقتصادات العالم مما يستدعي احتواء أسواق الغاز وترتيبها بشكل فاعل ومستدام، كما هو حاصل في أسواق النفط من خلال منظمة "أوبك"، التي تتجه الأنظار اليها دائماً لضبط الإنتاج ومن ثم استقرار الأسواق والأسعار والامدادات، بينما الوضع منفلت تماما في أسواق الغاز.
تأسس عام 2001 منتدى للدول المصدرة للغاز Gas Exporting Countries Forum (GECF) ، إلا أنه يحتاج إلى التحول من شكله الحالي كمنتدى ليصبح منظمة فاعلة ذات ميثاق متفق عليه ينظم امدادات الغاز حسب الطلب. فأسواق الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المُسال أثبتت أنها تحتاج إلى التنظيم الفعّال لضمان أمن الطاقة واستخداماتها لتوليد الكهرباء، خاصة خلال فترات ارتفاع الطلب على التدفئة والتبريد.
يتطلب إنشاء منظمة لأسواق الغاز العالمية وجود "مُنتِج مُرجّح" مثل السعودية، أكبر مُصدّر للنفط وصاحبة أكبر طاقة احتياطية في العالم
لا يعمل المنتدى الحالي (GECF)، الذي يضم الدول المصدرة للغاز، على تنظيم أسواق الغاز واستقرارها، على الرغم من أن أعضاءه يسيطرون على أكثر من 70 في المئة من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، و46 في المئة من إنتاجه المسوّق، و55 في المئة من الغاز المنقول من طريق خطوط الأنابيب، و61 في المئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم.
يتطلب إنشاء منظمة لأسواق الغاز العالمية وجود "مُنتِج مُرجّح" مثل المملكة العربية السعودية، أكبر مُصدّر للنفط وصاحبة أكبر طاقة احتياطية في العالم، التي نجحت في قيادة منتجي "أوبك بلس" بالقدوة من خلال الجهود الدؤوبة لتحقيق التوازن في الأسواق، فالمُنتج المُرجّح هو العامل الأهم كصمّام أمان لإمدادات الطاقة العالمية في مختلف الأوقات، بسبب قدرته على الحفاظ على توازن الأسواق العالمية، واستيعاب أي صدمات مفاجئة.
هنا، نجد أن روسيا والولايات المتحدة هما أكبر مُصدّري الغاز في العالم، ولكن اثناء أزمة الطاقة العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية، أُلقي باللوم على روسيا كمتسبّبة في شح إمدادات الغاز إلى أوروبا.
من جهة أخرى، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تُعدّ من أكبر مورّدي الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، إلا أنها لم تكن قادرة على توفير الإمدادات بشكل كاف، وإذا كان من المحتمل أن يكون أكبر مصدّري الغاز في العالم متورطين في شح إمدادات الغاز أثناء ذروة الطلب في موسم الشتاء، فمن سيكون منتج الغاز المُرجّح الذي يعيد التوازن إلى أسواق الغاز العالمية؟