فيما كان العالم مشغولا باحتفالات عيد الميلاد عام 1991، كان العلم السوفياتي يُنزل عن قبة الكرملين للمرة الأخيرة، ليحل محله علم روسيا الذي نعرفه اليوم. وفي اليوم التالي، أعلن مجلس السوفيات الأعلى، أو ما تبقى منه، حل الاتحاد السوفياتي رسميا. واستقال الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف من منصبه في 25 ديسمبر/كانون الأول 1991، وتنازل عن السلطة لخليفته بوريس يلتسين البالغ من العمر 59 عاما.
استقبل العالم العربي تلك الأخبار بمشاعر متضاربة. وكان معظم الناس يعيشون حالة من الذهول وعدم التصديق إلى أقصى حد؟ ولكن بعض الزعماء اعتبروا ذلك نعمة لهم، وبينهم كان الرئيس المصري حسني مبارك الذي كانت بلاده قد انفصلت منذ فترة طويلة عن السوفيات ووضعت نفسها في فلك الولايات المتحدة. وكان الرئيس السوري حافظ الأسد قد توقع تلك النهاية وانفتح على الولايات المتحدة بعد سنوات من العداء، وانضم على نحو صريح إلى التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لتحرير الكويت، بعد أن أدرك أن الاتحاد السوفياتي الذي كان يعرفه على وشك انهيار كبير. ولم تذرف دول عربية أخرى، كالمملكة العربية السعودية، دمعة على الإمبراطورية الشيوعية، على الرغم من أنها كانت أول دولة تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع موسكو منذ عام 1926. ولكن العلاقة بينهما بدأت تتدهور بسرعة عندما بدأ السوفيات بتشجيع الشيوعية، وبالتالي تشجيع الإلحاد في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. وحاول السوفيات إصلاح العلاقات مع الرياض في مارس/آذار 1938، لكن الملك عبد العزيز رفض ذلك، وقطعت العلاقة بين البلدين تماما. ولم تُستعد إلا في سبتمبر/أيلول 1990، أي قبل 15 شهرا من الانهيار الرسمي للاتحاد السوفياتي.
ومع ذلك، لم يكن أحد يتوقع أن يتم الأمر بتلك السرعة، ولا حتى صانعو السياسة في الولايات المتحدة، على الرغم من أن وزير الخارجية آنذاك جيمس بيكر- وفقا لما ذكره- قد تلقى مذكرة داخلية في وقت مبكر من 25 أكتوبر/تشرين الأول 1991 جاء فيها أن "الاتحاد السوفياتي الذي نعرفه لم يعد موجودا. يجب أن ينصب هدفنا على جعل الانهيار سلميا قدر الإمكان".
وفي كتابه المهم بعنوان "الدبلوماسية" كتب سلف بيكر، أي هنري كيسنجر، والذي أمضى حياته في العمل من أجل تفكيك الاتحاد السوفياتي، قائلا: "لقد انهارت الإمبراطورية السوفياتية على نحو أسرع من تمددها المفاجئ خارج حدودها".